رأفت السويركي يكتب: كلام حكاية إضراب “ليلى أم علاء” عن الطعام !!

تجتاح “وسائط التواصل الاجتماعوى” راهناً هجمات محمومة من شرائح نخبوية مصرية المُسمَى ومُنْخَلِعَة الوجدان؛ بما تمارسه من خطابٍ مُتَرَدٍ سياسوياً؛ ويثير الكثير من مشاعر الأسف حول مواقفها المُشْهَرَة. فهذه النماذج النخبوية في كلماتها تجعلك تتساءل: هل هذه “نُخْبَة” أم أنها “نَكْبَة” أصيبت بها مصر؛ منذ ما قبل “فوضى 2011م” الصهيوأميركية؛ والتي وفرَّ لها الفضاء الافتراضوي فرصة الهيمنة على العقل الشعبوي غير المتمرس على التفكر فينقاد خلفها كالقطعان.
لقد تحول هذا الفضاء عبر تلك “النخبة المشبوهة” بمربعاتها الايديولوجية المختلفة إلى “ملطمة” مريبة؛ لارتباطها بموضوع الإضراب عن الطعام في لندن ممن تُسمى ” ليلى سويف” والدة من يصفونه كَذِبَاً “المُعَاِرض المصري البريطاني” “علاء عبد الفتاح “؛ وإضرابها ذلك يأتي ضغطاً للإفراج عنه كمحبوس بأحكام في قضية جنائية قال حولها القضاء المصري الشامخ كلمته؛ بناءً على الأدلة الثبوتية الموثوقة بتهم: “نشر وبث وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، وجرائم الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون”.
ولعل مربط الفرس كما يُقال في هذه “الضوضاء المشبوهة” هو المطالبة باحتساب فترة الحبس الاحتياطي من فترة العقوبة؛ لكي يتم الإفراج عنه في 29 سبتمبر 2024م؛ فيما الواقع القانوني يُحيل أمر عدم الإفراج عنه إلى أن مدة الحبس الاحتياطي تلك التي قضاها علاء عبد الفتاح ـ وفق المنطوق ـ “كانت على ذمة تحقيقات الجناية رقم 1356 لسنة 2019م حصر أمن دولة عُليا، وأن هذه الجناية لم يتم التصرف فيها”.
لذلك شرعت الـ “ماما ليلى سويف” في الإضراب عن الطعام. وانهالت بالتالي مواقع التواصل الاجتماعوي؛ وبالتحديد المنصات التي تشرف عليها وتمولها “جماعة حسن الساعاتي البنَّاء” في تكثيف منشوراتها ساعة بساعة على مدى كل يوم، ولا تكتفي بالتدوينات فقط؛ ولكن تدعمها بالصور التي تدعو من كثافة الإفراط في إشهارها بالملل.
ولعل تلك الحملات تكشف مدى تهافت تلك الجماعة وسقوطها المريع؛ وهي تظنُّ أنها كما يُقال يمكن أن تَهُزَ شعرة في رأس النظام الراهن؛ متوهمة انتصارها على الوجدان الأصيل للشعب المصري؛ والذي يدرك حجم سقوط تلك الجماعة في عدائها للدولة الوطنية المصرية.
لقد توقفت تلك الأبواق الغوغاءوية بالمطلق راهناً عن ندبيات ولطميات “قضية غزة” نتيجة ثبات قدم الدولة المصرية في نسف دعوات التهجير إلى سيناء؛ أو خارج فلسطين الوطن السليب؛ وقفزت “قفزة القرود” إلى قضية الـ “مَاَما ليلى سويف”؛ وانطلقت منها باعتبارها محطة جديدة لتشويه الدولة المصرية؛ وحين انقضاء موضوعها ستفتش عن موضوعة جديدة.
والأمر المثير للدهشة، أن نماذج من النخبة المصرية غير المتأخونة تُصِرُّ “للغرابة” على الوقوف في “بُرْكَةِ الوحْلِ الساعاتية”؛ حتى لتظن أن النخبوي “المتأدلج ماركسياً”؛ أو “المتنشط دولارياً” بمسمى “نخبة حقوق الإنسان”؛ أو بعض هوامش المُتَاجِرِين بمسمى “النَّاصِرِيِّة”؛ هم من ينطبق عليهم التوصيف الشعبوي الشهير: “تَابِعَهُ قُفَّة” منذ فوضى 2011م؛ والتي ركبت الجماعة الساعاتية على أكتاف كل هؤلاء في الميادين؛ وفور تمكنها مارست معهم “التَّشْلِيت” فاندرجوا بانتهازيتهم السياسوية في حدث يونيو 2013م، الذي أزاح الجماعة المتأخونة إلى غير رجعة.
وحين تتابع جدران النخب المتنوعة مؤخراً في “فيسبوك” و”تويتر X “؛ لا تطالع سوى موضوع الـ: “ماما ليلى سويف”؛ واقترابها من الموت لإصرارها على الإضراب عن الطعام؛ ولا يشير أيٌّ منهم إلى أن لُعْبتها السياسوية كأمٍ تنام في “مستشفى سانت توماس” بلندن. والمؤكد أنها في تلك المشفى البريطاني تخضع لبروتوكلات الرعاية الصحية الواجبة عبر المحاليل والفيتامينات والعناصر الأساس للرعاية الطبية؛ والتي تقوم بالتعويض عما يحدث مع بدء الجسد المحروم من الطعام استهلاك مخزونه الاحتياطي من الجلوكوز والدهون؛ فضلاً عن أنها تتناول مشروبات “الشاي والأعشاب والقهوة وأملاح الجفاف”.
وفي إطار اللعبة التافهة فإن الآلة الإعلامية التي تروج لموضوعة الـ “ماما” المُضْرِبَة عن الطعام؛ لا تغفل إرفاق التدوينات بصور لها؛ فهي ذات مرة تنام على السرير وتبدو عليها ملامح الهرم المرتبطة بالعمر مع اقترابها من السبعين ( ولدت في لندن 1 مايو 1956م)؛ ووصورة أخرى لها وهي تُمسِك كتاباً تُطالعه؛ وثالثة تكتب على الحاسوب في السرير.
واستكمالاً لصورة “اللعبة المَامَيَّة/ من ماما” فإن الآلة المشبوهة التي تعمم “شعارات التُجَّار الثورجية” بعبارات من نوعية: ” تجوع ليحيا”؛ و”ليلى سويف تتحدى بالجوع للإفراج عن إبنها”؛ و”لست مهزوماً ما دمت تقاوم” و”ملهمة عربية بمواصفات عصرية” و”هديتي في العيد: الحرية لعلاء” و” ليلى تخوض حربها الأخيرة بتواضع وحكمة” و… و… إلخ”.
ولعل التماهي العجيب في تدوينات كل “الثورجية” و”الإخوانجية” يتجاوز موضوعة الشفقة والخوف على الـ “ماما ليلى سويف” من الموت؛ ليصب في “موقف العَدَاء” الفجِّ للدولة المصرية ونظامها الراهن، وهو يخوض التحديات المخيفة في الحوافِ المحيطة وفي العمق؛ ويُدافع ويَبْنِي؛ وهما وظيفتان مرفوضتان من تلك النخبة التافهة؛ والتي كما يبدو تفتقد لأساسات معرفة “ألف باء السياسة وتحديات إدارة الدول”.
وعلى الرغم من كثافة لعبة التحريض التي تمارسها الـ: “ماما ليلى”، بالنظر إلى “جنسيتها البريطانية” وابنها نفسه الذي حصل على “الجنسية البريطانية” حين كان يقضي عقوبة السجن كمواطن مصري جرى الحكم عليه في قضية جنائية؛ لعل تلك اللعبة التي وافقت عليها الأجهزة الإنجليزية بمنحه جنسيتها كانت تستهدف ترحيله إلى بريطانيا؛ ما دفع وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية هاميش فالكونر للقول أمام البرلمان البريطاني:”نهتم جميعاً بصحة ليلى… وقد تعهد رئيس الوزراء ببذل كل ما في وسعه من أجل محاولة ضمان إطلاق سراح علاء لكن ممثل السفارة المصرية في لندن لم يَسْتَجب للطلب..”. إنه يعرف مدى قانونية المسألة، ولو كانت الحالة معكوسة في بريطانيا لما تم التجاوز عن الحكم القضائي. فهل تقبل الحكومة البريطانية الضغط عليها من حكومة دولة أخرى في قضية قال قضاؤها كلمته حولها؟
ولكن الـ “ماما ليلى سويف” تواصل ممارسة الضغوط كما نقلت المواقع بأنها: “تُحمِّل الحكومتين المصرية والبريطانية مسؤولية استمرار حبس نجلها، وضياع حقه كونه يحمل الجنسيتين، مشيرة إلى أنها تضغط على الحكومتين لتحمل المسؤولية والإفراج عن علاء.”! أليس في هذا “الموقف المَامَاوي” شبهة الاستقواء بالخارج تجاه دولة صلبة المواقف (مصر) ومحكومة بالقوانين المستقرة؛ والتي اعتمدت إثباتات لم يستطع الدفاع المتخصص في قضايا المتنشطين هدمها؟!
والسؤال أين كانت الـ: “ماما ليلى” وابنها الذي أضربت عن الطعام من أجله يُشارك في نشر الفوضى المخيفة؛ كعضو قيادي فيما تسمى “حركة 6 إبريل” والتي استصنعتها في الخفاء ومولتها أجهزة محددة؛ وقامت بتدريبها؛ خطوة لتنفيذ فوضى “مشروع الشرق الأوسط” الصهيوني الجديد؛ وأين كانت الـ “ماما” غائبة وابنها يُشارك باستخدام “المولوتوف” في التَّعدي على رجال الشرطة والمجمع العلمي… إلخ
القصة لا تنفصل على لُعبة النخب التافهة، بكل تنوعاتها من “المناضلين المكلمنجية”؛ والتي تتيح لها أدوات الفضاء الافتراضوي فرصة الخلط بين الأمور؛ وعدم القيام بالدور التوعوي الواجب، والمنبني على القراءات الصحيحة لحركة الواقع، ومقتضايات إدارته بما يضمن سلامة الوطن من الهدم؛ والذي يوصف بأنه “الثمرة الأخيرة” على الشجرة المتوهم اقتطافها على نسق سقوط العراق وليبيا واليمن ومؤخراً سوريا؛ فضلاً عن حالة التمدد لدولة الكيان الصهيونية في العديد من الأرض العربية المنتكبة بالجماعات والفرق والميليشيات والكتائب المتأسلمة والمتأدلجة والمتنشطة؛ وفي هذا الحقل يأتي “كلام حكاية إضراب ليلى أم علاء عن الطعام”!