صفوت عباس يكتب : ( بث عَمُولة عال مجانا وزبون المغفل )!

كان اسماعيل يس في فيلم (علي بابا والاربعين حرامي) يهتف مع علي الكسار رحمهما الله ليروجا بضاعتهما من الحطب فيقولا جمله ( معانا الحطب العال) ، وفي موروث عبارات الباعه الجائلين كانت جمله ( العَمُوله العال) مقترنه بنداء اي بائع متجول ليروج لصنف مصنوع كدليل علي دقه صنعته وانه موصي عليه وليس كاي بضاعه تلقي في السوق لاي زبون والسلام.
في الفيلم الزبون ضحك علي التاجر واخذ الحطب المجاني الذي يمنح للمشتري حال شرائه مع كل حزمه بمقابل وبالاخير اكتشف التاجر انه كان مغفلا.
وفي مجال الراي حاليا والذي اصبح قوام صناعته الآن ميديا الهاتف اصبح المتلقي ياخذ اراء مجانيه قادمه مع كل تمرير للشاشه وبأشكال جذابه ومثيره وملونه ومضاف الي بعضها مؤثرات سمعيه وبصريه تسهل توغلها الي عقله لتشحنه كل يوم بما يصنع رأيه حسب هوي من حرر ماده المنشور او الراي وبشكل شبه مجاني فهو في وقت التسليه ولم يقدم اكثر من سعر اشاره نقل المحتوي اليه ولم يجهد نفسه بثمن كتاب او عبء قرائته او معضله فهمه ان كان عنده بالاساس استعداد للفهم او القراءه، وفي الخلفيه صناع المحتوي المقصود به صنع الرأي يستمتعون برؤيه ردود افعال قطيع متابعيهم والذي يتجاوز التفاعل مع الشاشه الي تاثير علي تصرفه كناقل لما توغل بعقله وتصرف حياتيا وفقا لما تم تضليله به وهنا يصبح من اخذ بالمجان بضاعه الكلام مكتوب او متلفز _اصبح _ هو المغفل والبائع الناشر يقبض اما تحقق اهدافه في صنع وتوجيه او تضليل الراي ومعها جزئيا ارباح نسب المشاهدات لما قدم ولكن ماجني اولا هو الاهم والمقصود والثاني لاباس به خصوصا مع الناشرين الهواه المجندين لحساب غيرهم.
صناعه الرأي عموما او حول قضايا معينة. تعتمد على عدة عناصر ومؤثرات، مثل الإعلام وقادة الرأي والأحداث الكبرى والدعاية والإعلانات والشائعات. من خلال فهم هذه العناصر وكيفية تأثيرها، يمكن توجيه الرأي العام بشكل فعال لتحقيق أهداف، وهذه العمليه تدار بفكر مؤسسي وتمارسها كيانات تعمل لصالح جهات ذكيه او تنظيمات تحت اي مسمي وتسعي وراء اهدافها بحشد الراي لصالح موضوع او تسييل موضوع وتمرير احداث.
حاليا فيما اظن ان البث عبر ميديا الهاتف هو اللاعب الاساسي في عمليه صناعه او تبديد الرأي والمؤسف انها غير قابله للسيطره عليها باجراءات بسيطه وسلسه وخفيه او علي الاقل غير ملفته للنظر لان كل تلك الاجراءات قيد التحايل عليها واختراقها فتصبح بلا جدوي الا اذا تطورت الاجراءات الي الحجب مثلا.
مؤخرا لعبت ميديا الهاتف دور كبير في صناعه تضليل الراي وتوجيهه ازاء زياره وتصرف حاكم عربي توجه للقاء الرئيس الأمريكي ليناقش موضوع هام يخص النزاع الأقدم والاهم في الشرق الاوسط وتم اجتزاء حديث الرجل واستخدام زوايا تصوير له تظهره بشكل موحي يوافق اغراض من قصد ذلك، بعدها قامت عواصف نقد ضده وبالاخير ظهرت حمله مضاده تقول بان الترجمه غير دقيقه والصور مقصود بها صناعه ايحاءات.
وقبلها للامانه لعب الرأي المصنوع بميديا الهاتف في تأجيج الرفض الشعبي لفكره التهديد وربما شكلت دعما وسندا للرأي العام الرسمي لعده دول عربيه معنيه ومؤثره في الامر.
كل هذا ليظهر ان من يتعاطي مكون رايه مجانا يصبح هو المغفل ان كانت نوايا المُرسل خبيثه وهو الاغلب حاليا.