راندا الهادي تكتب : نظرية الأواني المستطرقة
![راندا الهادى](https://misralan.net/wp-content/uploads/2023/01/912BEDEA-85D3-4E2C-9AF1-E404A69AFC92-614x470.jpeg)
نظرية الأواني المستطرقة
نظرية الأواني المستطرقة من النظريات المهمة التي تفسر العديد من الظواهر الفيزيائية الأساسية المرتبطة بحركة السوائل في وسط محدد ، والتي اكتشفها العالم الفرنسي بليز باسكال في القرن السابع عشر ، والغريب عندما أردت الكتابة في موضوع مقالي الأسبوعي قفزت لذهني هذه النظرية لأنني وجدتها ببساطة تمنح تفسيرًا ا للعديد من الظواهر الحياتية التي نراها حولنا ، خاصة ما هو مرتبط منهابالعلاقة الزوجية .
من قبل كنت أتعجب من قيام بعض السيدات للعديد من المهام التي تدخل في إطار اختصاصات رب الأسرة وهو الرجل والعكس ، بل وصل الوضع أحيانا إلى ( قلب الآية) كما يقول المصريون ، فنجد أن الست هي رجل البيت والمسئولة الأولى عنه والرجل رغم وجوده ( لا يهش ولا ينش) ، ولا أتحدث هنا عن الحالات الخاصة أو شواذ القاعدة ، كأن يصاب الرجل بإعاقة أو يغلق باب رزقه لسبب ما مؤقت أو حال رحيله بالطلاق أو الوفاة ، ..أبدًا.. بل أقصد هنا الزوج عديم الأهلية لبناء أسرة ، أو لنقل الزوج منزوع المسئولية الذي يقتصر دوره في الحياة على الأكل والشرب والنزول للعمل ليستلم راتبه دونما تحمل مسئولية كفاية بيته؟ ، أو المشاركة في تربية أبنائه ؟وهنا وفقا لنظرية الأواني المستطرقة تضطر المرأة لاشعوريا لملأ الفراغ والقيام بمهام ومسئوليات ليست معنية بها في الحياة الزوجية ولكن لابد من القيام بها للحفاظ على التوازن في حياة أسرتها .
ببساطة الحياة داخل الأسرة تشبه لحد بعيد تلك الأواني المختلفة في الشكل والحجم، والمتصلة ببعضها البعض من الأسفل ، فعندما يصب فيها سائل، فإنه يرتفع في جميع الأواني إلى نفس المستوى، بغض النظر عن شكل الأواني أو حجمها، وهذا هو مضمون الربط الذي أردت توضيحه .
فلا تغضب أيها الرجل عندما ترى زوجتك اخشوشنت وجف معينها ، ولا تلومن إلا نفسك ، فهي تحاول جاهدة ملأ الفراغ الذي تركته في حياة أسرتك ، وتسعى جاهدة للحفاظ على اتزان بيتها قبل انهياره بسبب إهمالك لدورك ، ومسئولياتك ،والحديث هنا للسيدات أيضا فعندما تهملي مسئولياتك داخل البيت سرعان ما سيبحث الرجل عمن تعوضه وتملأ فراغك.
ومن وجهة نظري أن أخطر تطبيق لنظرية الأواني المستطرقة داخل الأسرة هو تأثير هذا الخلل على الأبناء ، حيث يشب الأولاد على علاقة مشوهة بين الأب والأم ، ليحدث أمران لا ثالث لهما ، إما أن يتأثروا بتلك العلاقة المشوهة ويتحولوا – إن كانوا ذكورا – إلى عالة على زوجاتهم بالمستقبل – وهذا ما نراه بشكل واسع في بيوتنا- ، أو يسبب لهم هذا الخلل عقدة نفسية تدفعهم للتعامل بمفهوم (سي السيد )مع زوجاتهم ، فيرفضوا عملها بل وحتى رؤيتها للشارع إلا بوجودهم -فالمرأة مكانها بيتها – بسبب خوفهم المرضي من تكرار نموذج والدتهم المطحونة طوال حياتها .
لذا قبل أن تطالب زوجتك أو تطالبي زوجك بالقيام بدوره وتحمل مسئولياته انظروا إلى أنفسكم واسألوها : هل تركتم فراغًا اضطر الطرف الآخر لملئه؟!!