مقالات الرأى

صفوت عباس يكتب : (مالعجب من ثور هائج بالبيت الابيض؟ )!

استغرب ممن انصدموا من تصرفات وتصريحات وقرارات ترامب المتلاحقه الكثيفه والتي لايتناسب حجمها مع المده القليله التي مضت منذ تنصيبه _الا اذا _ كانت الصدمه والدهشه من صدق توقع الكثيرين عنه وفقا لمعطيات شخصيته والخبره السابقه عنه في رئاسته الاولي.
انا شخصيا لاستغرب منه شيئ وقد اوردت في منشور علي فيسبوك تعليقا علي تصريحه بانه “سيكون صانع سلام” فقلت “ممكن ،
واحتياطيا “افلح ان صدق”، وفي منشور اخر علقت علي خبر تنصيبه بالقول” ٤ سنوات ساخره مضحكه مبكيه مؤلمه ميزتها الوحيده انها صريحه متوقعه”..لانه فعلا رجل مثير لللغط والسخريه ولايمكن ان يمر تصرف عادي له دون ان يثير علي الاقل حديثا داخل النفس ان لم يكن في العلن بدايه من نظرته المستفزه المتعاليه المجنونه الي سطر طويل من الشخبطه يعتبره توقيعه.

سكان الكوكب الذين تمنوا فوز ترامب بالرئاسه الامريكيه كانوا علي يقين بانه ليس افضل شيء يمكن ان يكون علي راس دوله يقال عنها (اذا عطست امريكا اصيب العالم كله بالزكام)، وهي عمليا اللاعب الوحيد في العالم العابر للحدود وكل البحار والمحيطات الي ان يشاء الله تبديل الاحوال، ولعل الاعتراف بالامر الواقع اشد مراره من مرارته.

.. الحاله الكونيه والمحليه الامريكيه _ وهي الاهم طبعا لانها صاحبه الاختيار_ كانتا بحاله اشمئزاز من تصرف بايدن الديمقراطي في كل ملفاته خارجيا وداخليا وفي السابق ٢٠١٦ كانت حاله اشمئزاز مماثل من افاعيل اوباما فكانت حاله التمني تقول سابقا بترامب ضد هيلاري كلينتون وزيره خارجيه اوباما و مؤخرا بترامب ضد كمالا هاريس نائبه بايدن وكان القرار الامريكي باختياره كشخص ببرنامج داعب احلام الناخب الامريكي بتحسين الاقتصاد ومكافحه التضخم وخلق قوه وسياده لامريكا ومكافحه المهاجرين والشذوذ والاجهاض والالتزام بالقيم الدينيه فخلق رايا عاما مؤيدا من اليمين الامريكي والمتلزمين من كافه الديانات والقوميين الامريكيين والبسطاء الذي ارهقهم الغلاء فاختير بديلا للديمقراطيين ولبايدن في نتيجه شبه اكتساح جمهوري للرئاسه والكونجرس (شيوخ ونواب) وحتي حكام الولايات، وقد عبرت في مقال سابق ان ترامب كان كالمندوه الذي يطلبه المنصب فكرس له حاله شعبويه تطالب به فكان.
.. لِم الدهشه من تصرف رئيس دوله في تاريخها كله تقدم دعما من كل صنف لدوله الاحتلال منذ نشأتها والان رئيسها صرح مجرد تصريح برغبته نقل سكان غزه الي مصر والاردن وهو نفسه قدم في رئاسته السابقه اكبر خدمه لم يقدمها رئيس امريكي قبله لاسرائيل وهي (نقل سفاره دولته للقدس)!

.. مالعجب في ان يحذر ترامب من فرض ضرائب ورسوم جمركيه علي دول ميزانها التجاري مع دولته لصالح تلك الدول واللاعجب في انه شن حربا اقتصاديه ضروس مماثله ضد الصين في رئاسته السابقه!، وهذا في اطار وعده الانتخابي لتحسين وتقويه اقتصاده.

.. مالغريب في ان يطلب امولا من دول في اطار صفقات تجاريه او استثماريه وقد فعلها في رئاسته السابقه وقد ذكرت ال BBC في تقرير بثته عبر موقعها الاليكتروني في ٧ نوفمبر ٢٠٢٤ اثناء الانتخابات الامريكيه حول المتوقع في علاقه دول غنيه بمنطقه الشرق الاوسط بترامب والذي ورد فيه نصا ” هناك اعتقاد سائد تاريخياً أن دول مجلس التعاون الخليجي تنظر إلى الجمهوريين على أنهم أكثر ملاءمة لمصالحها
يرجع ذلك في المقام الأول إلى تعاونهم في مجال الأمن والتعاون العسكري. وأيضا بسبب تعامل الديمقراطيين بشكل أقل “حزماً” مع إيران وإصرارهم في مراحل سابقة على إعطاء الأولوية لملف حقوق الإنسان وتعزيز مفاهيم الديمقراطية. وهو ما اعتبرته دول خليجية عدة تدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية، ما عرّض العلاقات بين واشنطن وبعض العواصم الخليجية في مراحل معيّنة إلى توتّر، تمكّنوا من احتوائه، لإيمانهم أن المصالح المشتركة (الأمن والاقتصاد والطاقة) أكبر من أن تتأذّى بسبب ملفات حقوقية، واضافت بي بي سي ان هوية الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأمريكي ترسم شكل العلاقة مع دول الخليج بناء على تجارب سابقة.
اذا فلما العجب من تصرف معروف مسبقا وياتي من دول كبيره ذات ثقل ووضع مؤثر وحريه وسياده تجعلها بحق كامل في حريه قرارها وتصرفها وتحمل مسئوليته وتقدر مصالحها وتعرف كيف تدير امورها، وللحق فانه لابد ان نشيد ونحيي تصرف المملكه السعوديه باشتراطها (اقامه دوله فلسطينيه) مقابل التطبيع مع الكيان المحتل فهو تصرف نبيل وواع وقوي.

.. مالغريب في ان يصرح رجل معروف عنه (كل غريب) في ان يصرح برغبات غير قابله للتطبيق مثل احتلال قناه بنما وخليج المكسيك وضم كندا لدولته، مالغريب في ان يصرح برغبته في ضم اراضي و دول وتنازل اخري عن اراضيها وهو رئيس دوله اعتادت الهيمنه السياسيه والاقتصاديه والعسكريه والفكريه وعلي الدول موضع اطماعه ان تسعي لمجابهته.

.. مالغريب في انه يكرس بخطابه وقراره وثرثرته كراهيه شعوب الكون لبلده والعالم كله بالاصل يمقت بلده ويتزلف لها ويداهنها ويحاول اتقاء شرورها وان اظهر حبا فهو لزوم ديبلوماسيه التقيه.

.. مالغريب في ان يعمل علي تعزيز سياده عملته (الدولار) وان يهدد دول (بريكس) بشان مساعيها للحد من هيمنه الدولار وكل مافعلته تلك الدول حتي الان امور نظريه واحتفاليه وتلك الدول تدعي انها تملك ٤٠ ٪ من ثروات وتجاره العالم والسؤال هنا هل لا تكفي تلك النسبه تلك الدول لان تقلع عن تعاطي الدولار فيضعف!

.. مالغريب في ان يطلب من دول الناتو رفع مساهماتها في نفقات الحلف وهو الذي معروف عنه مسبقا انه “لا حمايه بدون مقابل”، وانه ان كان يسعي جديا للسلام فليس حبا في السلام لكن تحسبا علي تداعيات الحروب علي اقتصاد بلاده حتي وان لم تشارك فيها فالحروب بمفعول ممتد.

.. اي عجب من رئيس بيزنس مان يدير دوله بمنطق التاجر الحريص علي كسب كل شيئ باي شيء وفي دوله قوامها مستعمرين قضوا علي السكان الاصليين (الهنود الحمر) وثاروا علي المستعمر الكبير الذي اوجدهم هناك واستقلوا عنه وحاليا يقودونه.

.. لم الدهشه والكل يقر بان امريكا بلد مؤسسات وان اليد الخفيه التي تديرها وكلنا يرتاح لهذا الوصف ويقره _ هذه اليد التي اوصلته للرئاسه رغم انه ملاحق قضائيا وقانونيا طوال ٤ سنوات سابقه _هذه اليد تحبذ تصرفاته وتدعمها الي ان يتعارض مع هواها فتطيح به مثلما اطاحب ببايدن في مشهد ساخر.

اي دهشه واستغراب من تصرفات وقرارات رجل معروف عنه انه كذلك ويملك الصراحه في قول ماينوي عليه… الاجدر… كان التحسب والتوقع لما يفعل…. انا لا ابرر افعال ترامب ولكن فقط لا استغربها في ضوء انه ليس غريبا عليه مايفعل حسب شخصيته وتجاربه السابقه.

زر الذهاب إلى الأعلى