مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب: النفسية في التليين …

النفسية في التليين

 

لست خبيرة بالسيارات رغم امتلاكي لرخصة قيادة وحبي لقيادة السيارات ، لكن الممارسة لم أتمكن منها إلا لبضعة شهور بسبب ظروف خاصة ، الفكرة التي أريد مناقشتها معكم في هذه المساحة الدافئة ليست بالتأكيد قيادة السيارات من عدمه وإنما مصطلح الكثيرون يقرأوه أو يسمعوه يوميًا ، وهو أن السيارة في التليين ، ومعناها مراعاة بطء السيارة من المحيطين بها وعدم القدرة على مجاراة سرعة الطريق ، وضرورة وجود تعامل خاص من قائدها تجاهها .

بالظبط هذا حالنا نحن البشر بعد الأزمات والفواجع ، نحتاج ما يسميه الأطباء وعلماء النفس فترة نقاهة ، نستعيد فيها قدرتنا على التعامل مع مخرجات الحياة والبشر المحيطين مرة أخرى ، وبالطبع تتفاوت مدة هذه الفترة وفقا لطبيعة شخصية الإنسان وقدرته على التجاوز والاستمرار فيما بعد ، فهناك من لا يملك القدرة على التجاوز أو ال(move on) ، وهناك من يحتاج لوقت طويل لكنه يتجاوز ويكمل ، وهناك الفئة النادرة التي تستطيع في لا وقت التجاوز وكأن شيئا لم يكن ، ولا أدري أهذه نعمة أم نقمة .

ولعل تشبيه مرحلة التليين هنا عند البشر بمرحلة العمل تحت الاختبار عند الالتحاق بأي وظيفة صحيح إلى حدٍ بعيد ، غير أن ما يهمني هنا هو تعاملنا مع مرحلة التليين أو النقاهة في العلاقات الإنسانية ، لأن بناء علاقة إنسانية مع طرف ما أمرٌ ليس بهين ٍ ، وأقصد هنا بالتحديد العلاقات العاطفية ، قد تكون زوجاً ماتت زوجته أو طلقها أو انفصلت عنك خطيبتك أو لعلها تركتك ، أو تعرضت لفشل علاقة لم تصل بعد لحد الرسميات ، والكلام يجري على النساء أيضا، وهنا تسمع هذا أو ذاك يقول : من الغد ستجد العوض ، أو ما أكثر البدائل .

في الظاهر قد يمنحك هذا الكلام شعورًا بالسلوى والراحة ولكن إن طبقته وبدأت في علاقة جديدة لن تكسب أو تكسبي سوى كسرة القلب وتدمير حياة الطرف الآخر ، فأنت لم تتعافى بعد من تبعات علاقة سامة سابقة ، بل مازلت تدور مع رحاها ، فلماذا يا ابن أو بنت الحلال تنقل العدوى لغيرك بنفس مطمئنة ؟ ، ألا تدري أن للقلوب رب جبار عليم لا يرضى باستنزافها وكسرها ، فضلا عن كونك لا تجلب لروحك غير المشاكل .

التزموا بفترات التليين والنقاهة ولا تخاطروا بخوض غمار علاقات لا تعرفون كيف ستكون نهايتها ولا تدركون مسئولية كسر القلوب أو ما أفضل أن اسميه (القتل الصامت للروح ) اتقوا الله في أنفسكم ومن تحبون والتزموا الحدود الآمنة في تكوين العلاقات على طريق الحياة ، لعلكم تجدون العوض بحسن نواياكم .. وشكرًا.

زر الذهاب إلى الأعلى