اللواء مروان مصطفى يكتب : ببساطه … وبدون فلسفة !!
لقد تم اعداد وتدريب العديد من الفصائل المعارضة السورية في تركيا منذ عده شهور … وتم تجهيزهم بأحدث الأسلحة والمعدات العسكرية الأمريكية بطريق غير مباشر عن طريق اوكرانيا التي ارسلت لهم دفعات من الطائرات المسيرة ودربهم عليها خبراء اوكرانيين… لقد توافقت وتلاقت المصالح الشيطانية الخفية المشتركة بين تركيا واسرائيل امريكي..لاستغلال حالة الضعف التي سببتها الضربات الاسرائيلية لإيران ، ولحزب الله ، ورغبتهم في خلق واقع عسكري جديد علي الارض قبل تولي ترامب الرئاسة الأمريكية.
لقد وجدت اسرائيل انها امام فرصة ذهبية لقطع طريق الامدادات الايرانية العسكرية لقوات حزب الله لإضعاف ايران ، وطردها من سوريا ، وتقطيع أذرعها ، ومنعها من امداد حزب الله بأي معدات عسكرية مستقبلية .. وقيام اسرائيل بانتهاز الفرصة للتمدد واحتلال مساحات جديدة من الأراضي السورية تتيح لها سيطرة أكبر علي سوريا ، بما يمكنها من تهجير الفلسطينيين اليها مستقبلاً ( بديلاً عن سيناء ) .. بسبب التعنت المصري وخشية الجيش الاسرائيلي من مواجهتها عسكرياً .. وهو ما سيحقق حلم اسرائيل الكبري ويسجل نصراً سياسياً لنتنياهو يعزز موقفه السياسي خلال محاكمته المرتقبة.. ويستعرض بقوته وهيمنته ومقدرته علي تغيير خارطة الشرق الأوسط .. وهو ما سيجد ترحيباً اكيدا من الرئيس ترامب عند قدومه ،
وبالمثل اعتبرها اردوغان فرصة ذهبية للتخلص من ملايين اللاجئين السوريين الذين ضاقت بهم تركيا ، وهي القضية التي اضرت بشعبية حكومته ضرراً كبيراً ، وفشل في عقد صفقة لإعادتهم مع بشار الأسد الذي رفض حتي مقابلته .. وهي ايضا فرصة لتمكينه من السيطرة علي الحدود مع سوريا واحتلال مساحات جديدة لخلق مناطق عازلة لمواجهة التهديدات الكردية .. وهي أيضاً سوف تزيد من فرص تقاربه مع امريكا واسرائيل .
أما بايدن فقد رأي ان ذلك المخطط سوف يضعف من قوة إيران ويكسر الهلال الشيعي الذي يحيط بدول الخليج العربي ، ويخفف من تهديداتها لهم .. وهوما سيلاقي استجابة وترحيباً بالغاً منهم يوفر مناخاً انسب لتطوير وتطبيع العلاقات الاسرائيلية معهم
وارتأى أيضاً ان نجاح المخطط سيسبب ضغطا شديدا ، وحرجا دولياً بالغاً علي الرئيس بوتين لإجباره علي الاختيار بين سوريا أو اوكرانيا .. بما يشكل بلا شك نجاحاً وبصمةً مضيئة في نهاية الفترة الرئاسية لبايدن .
وعند ساعة الصفر قامت فصائل المعارضة السورية والفصائل الأخرى المدعومة من تركيا وامريكا بالتحرك تحت اسم قيادة هيئة تحرير الشام ( والمعروفة سابقا بجبهة النصرة التي كانت أحد أفرع تنظيم القاعدة في سوريا، ويرأسها ابو محمد الجولاني وهومن قادة داعش السابقين .. الذي انفصل عنه بعد خلافه مع ابو بكر البغدادي… ثم انضم بعد ذلك لتنظيم لقاعدة وأصبح من قادتها .. ثم استقل عن القاعدة وكون تنظيماً مستقلاً اسماه جبهة النصرة .. وهو تنظيم سلفي متشدد هدفه الأساسي اسقاط بشار الأسد … ثم غير مسماه الي هيئة تحرير الشام التي ادرجتها امريكا ضمن قائمة المنظمات الارهابية ) كما ادرجت ابو محمد الجولاني ضمن أخطر الشخصيات الارهابية ورصدت مكافأة قدرها ١٠ مليون دولاراً لمن يدلي بأية معلومات عنه … ومؤخراً وقبل اجتياح سوريا قام بتغيير اسم التنظيم الي” قيادة العمليات العسكرية “…وعلي الرغم من ذلك قامت قناة CNN باستضافته علي شاشتها لتلميع صورته أمام العالم .
وبمجرد دخول القوات سقطت المدن السورية الكبرى الواحدة تلو الأخرى بغرابة شديدة دون اي مقاومة تذكر وفي غياب تام لجيش النظام السوري الذي هرب جنوده بعد ان خلعوا ملابسهم العسكرية ، وتركوا كل أسلحتهم ومعداتهم العسكرية وهرب الكثير منهم للعراق … ولم يجد بشار الأسد من يسارع بنجدته بعد ان باعه جيشه لأسباب خفية ، واعتذرت روسيا لانشغالها في اوكرانيا ، وقامت طهران بسحب قواتها العسكرية بعد ان اتفقت سراً مع المقاتلين لتوفير ممر آمن لخروجهم .
وقبل الساعات الأخيرة حدث تواصل مع بشار لإقناعه بالتنحي عن الحكم ولكنه رفض بشدة .. ولكنه عاد قبل مغادرته سوريا وطلب ان يظهر على الهواء ليعلن عن عدم ترشحه في الانتخابات المقبلة مع تعهده بالإصلاحات المطلوبة ..وكان الرد عليه (عذراً تأخرت كثيراً ..لقد فات الاوان ) وقامت عناصر من الاستخبارات الروسية بتنظيم عملية الهروب ونقلوه جواً لأحد قواعدهم العسكرية بعد ايقاف تشغيل جهاز الارسال والاستقبال في الطائرة لمنع تعقبها .
وبينما كان الشعب السوري غارقاً في احتفالاته ، فرحاً بانتصار ثورته الشعبية العظيمة ، وبهروب الطاغية المستبد ، وطرد المستعمرالايراني .. قامت اسرائيل بكل جرأة بالتوغل واحتلال مساحات كبيرة من الأراضي السورية حتي وصلت لحدود العاصمة دمشق ..وقامت بقصف وتدمير كامل لكل طائرات السلاح الجوي ، والقوات البحرية ، والبنية التحتية العسكرية السورية ، وحتي مراكز البحث العلمي بها ، والتزمت القيادات السورية بالصمت المطبق ، ولم يصدر عن اي منهم اعتراضاً او حتي شجباً لما حدث.
ثم شاهدنا نتنياهو في اليوم التالي وهو يلقي خطاب النصر الذي أكد فيه علي ضم الجولان رسمياً لإسرائيل ، وانه حقق وعده بتغيير خريطة الشرق الأوسط .. وقدم شكره الخالص لصديقه ترامب لموافقته على الاعتراف بضم الجولان لإسرائيل . وسارع اردوغان هو الاخر.. وألقي خطاباً في زهو شديد .. بعدما فتحت تركيا اوسع ابواب حدودها لإخراج اللاجئين السوريين ..
واسرعت روسيا في سرية تامة بالتواصل مع الجولاني للاطمئنان علي موقف قواعدها العسكرية والحصول علي موافقته لاستمرار تواجدها ، وصمتت موسكو علي استحياء انتظاراً للجائزة الكبرى التي سيمنحها ترامب لها في اوكرانيا نظير تخليها عن حليفها الاقرب بشار الأسد
وسارع المرشد الايراني وفضح المؤامرة على الهواء العلن وقال هناك دوله مجاورة لسوريا هي التي لعبت الدور الاكبر فيما حدث وان بشار الأسد لم يستمع الي تحذيراتهم
وبينما يستعد العالم لتنفيذ التوجيهات الأمريكية لرفع اسماء القيادات السورية من قوائم الإرهاب يتسائل الجميع في استغراب شديد عن عودة داعش والقاعدة الي الظهور مرة اخري في اثواب شرعية امريكيه جديدة .. وعلي الرغم من كل ذلك ..لايزال السوريين في فرحتهم ، ومايزال العرب في غفلتهم منتظرين في قلق وتوتر بالغ ماذا سيحدث في الحقبة القادمة لترامب ومعشوقته اسرائيل .
لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب