محمود سامح همام يكتب: دلالات الصراع الاماراتي القطري في الصومال
دولة تقع في شرق القارة السمراء، تملك ثاني أطول ساحل في افريقيا، مما جعلها مصدر غني بمختلف الثروات البحرية، كما أن الصومال وُجد بسواحلها بعد اعمال استكشافية وتنقيب مكثفة عن طريق المسج الجيولوجي كميات كبيرة من النفط ، بالإضافة الى الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع بيه مقديشو حيث تعتبر البوابة البحرية لشرق افريقيا ونقطة التماس لحركة التجارة العالمية، كما أنها غنية بثروات هائلة من الثروات الحيوانية تقدر ب40 مليون رأس من الأبل والبقر والغنم، ولاسيما من ضمن تلك الثروات ثروات زراعية وتُقدر الأراضي الصومالية الصالحة للزراعة بأكثر من 8 ملايين هكتار وفقا لمنظمة الفاو العالمية، مما يجعل من الصومال سلة غذائية للمنطقة.
وبعد استعراض بعض من المعطيات الاستراتيجية والاقتصادية للصومال، من الطبيعي ان تجعل هذه المعطيات من الصومال مطمع وساحة تنافس للدول الاستثمارية، وذلك ما يسري ما بين الامارات وقطر في العقد الراهن ، ومن هنا يمكننا طرح سؤال حول ما دلالات الصراع الاماراتي القطري في الصومال ؟
بداية، في الخمس السنوات التي قضاها الرئيس السابق محمد عبدالله “فارماجو”، بدات قطر تتوغل الى الصومال من خلال الحكومة الاتحادية في ستار الاستمثارات الأجنبية في البلاد بمبلغ يُقدر بأكثر من ١٧٤ مليون ريال قطري وفقا لاحصائيات ٢٠٢١م، بالإضافة الى ٢١٠ مليون دولار قدمتها قطر كمساعدات إنسانية للصومال.
وعلى الجانب الأخر راينا الامارات في خطتها الاستثمارية تضع الصومال ضمن الدول المطلة على خليج عدن ودول القرن الافريقي، وعلى غرار ذلك قامت بتوقيع اتفاق مع الحكومة الفيدرالية على ارض الصومال ب ٤٤٢ مليون دولار لتطوير الميناء الضخم ” بربرة ” والذي يعد مصدر أساسي لتصدير الماشية للمنطقة وهو ما يعادل ٦٠٪ من اقتصاد البلاد وغيره من المشاريع ، بالإضافة الى تدشينها قواعد عسكرية على الأراضي الصومالية .
وبدأ هذا الصراع الخليجي في بدايته كصراع استثماري، ولكن وسط تلك المنافسة شُنت هجمات إرهابية على المشاريع الامارتية الاستثمارية بارض الصومال، وكشفت صحيفة. ” نيويورك تايمز” آنذاك تسريبات تبرهن أن قطر المسؤولة عن تلك الهجمات، ويمكننا أن نضع سببا لهذا التصرف العدواني هو الحصار الذي فرضته الامارات ومصر والبحرين والسعودية برا وبحرا وجوا على قطر في تلك الحقبة، ولكن في ظل حكم الرئيس المنتخب حديثا حسن شيخ محمود اندثرت العدوانية والغوغائية في البلاد ما بين الامارات وقطر، وخصوصاً بعد عودة العلاقات الإماراتية القطرية عام ٢٠٢٣، مما جعل هذا التنافس أمر طبيعي لا يحتويه أي خوف او توتر للمنطقة .
خناماً، يتجلى التنافس القطري الاماراتي في الصومال كجزء من صراع أوسع نطاقاً على النفوذ في منطقة القرن الافريقي، مما يعكس تعقيدات السياسة الإقليمية والدولية، هذا التنافس يعكس ليس فقط التنافس الجيوسياسي والاقتصادي بين البلدين، بل يعكس أيضا تاثير القوى العالمية والإقليمية الأخرى التي تسعى لتعزيز مصالحها في هذه المنطقة الحيوية.