مقالات الرأى

اللواء مروان مصطفى يكتب : أمريكا واسرائيل والعرب.. الي أين ؟

0:00

سألني سائل ..هل انتصرت اسرائيل أم هزمت .؟؟ وأجبت بلا تردد .. طبعاً هزمت .. لأن هناك قاعده ثابته بأن الطرف الأقوى اذا لم يهزم غريمه الضعيف ويكسر شوكته في المعركة فيعد مهزوما ويعتبر الأضعف منتصراً.. والعكس صحيح .
وما حدش ينكر ان حماس بهدلت اسرائيل، ومسحت بسمعه وهيبه جيشها الارض وحطمت اسطورتها العسكرية ،وبرضه محدش يقدر ينكر أن اسرائيل بجلالة قدراتها لم تحقق ولا هدف واحد من أهدافها الحرب وضعتها والتزمت بها أمام شعبها والعالم أجمع ولم تتمكن حتي الآن من كسر شوكتها .
ومنقدرش ننسي أن جنوب أفريقيا جرجرتها للمحكمة ،وفضحت جرائمها وهزمت حججها ، واثبتت اكاذيبها دولياً وقانونياً .. ده غير ان نتنياهو نفسه وحكومته المجنونه هزموا شعب اسرائيل معنوياً وأفقدوه الكثير من أصدقائه التعاطف والتأييد الدولي التي كانوا يتمتعون به .
وطبعاً ده جنن اسرائيل وأفقدهم صوابهم ، ولم يجدوا مخرجاً سوي الالتجاء لقتل اكبر عدد ممكن من المدنيين الذين لاحول لهم ولاقوة، وتجويعهم وهدم مساكنهم وتدمير غزه وكل مرافقها بالكامل .. وده كله علشان جيشهم مش قادر ومش عارف يواجه حماس في الانفاق .. وتوسعت الخلافات والتخوينات، وزاد اللوم والنقد العلني لقيادات جيشها من مجلس الحرب.. وتظاهر مواطنيها بسبب الفشل في تحرير أسراهم بل واستهداف بعض بنيران صديقة.
ورغم الخسائر البشرية والمادية والمعنوية الضخمة .. أصرت حكومة الحرب علي استمرار الحرب ، وتطويل أمدها انقاذاً لرقابهم ومصالحهم وتأجيل محاكمتهم بتهم الفساد والفشل في ادارة أمور الحرب .
وتغيرت الامور بعد فضيحه محكمة العدل الدولية ..حيث تأكدت امريكا وحلفائها من عدم قدره اسرائيل علي تحقيق أي نصر بسبب الصمود الجبار لشعب فلسطين، وقوة عقيدتهم القتالية ، وعناد وغرور الاسرائيلين ، ورفضهم للنصائح الأمريكية بالعودة للمفاوضات السياسية وحل الدولتين.
ومن وقتها زاد القلق والتخوف الأمريكي من انفجار الأوضاع وتفاقمها بما قد يؤدي للهزيمة الكاملة لإسرائيل وانهيارها وزوال كيانها وهو ما لا يمكن قبوله أو السماح به بأي شكل من الأشكال .
وفي محاولات مستميتة للإنقاذ .. أعيد التفكير مرة أخري في موضوع التهجير سواء أكان (قسرياً أم طوعياً ) وخصوصاً بعدما تجمع حوالي أكثر من مليون ونصف فلسطيني علي الحدود المصرية ، وظهور معاناتهم الانسانية الشديدة بحلول أجواء الشتاء ، وفي ذات الوقت صعدت اسرائيل من استفزازاتها واتهاماتها لمصر وأعربت بفجور عن رغبتها في السيطرة على ممر فيلادلفيا وهو ما رفضته مصر بل وحذرت كل من اسرائيل وامريكا من حدوثه.
ولكن كان لأمريكا وجهة نظر أخري فقدصعدت من وتيرة التوترات في المنطقة بعدما ضربت الحوثيين ضربات اغلبها (في واقع الأمر) ضربات واهية وغير مؤثرة نظراً للعلاقة الخفية الوثيقة بينهما منذ بداية فترة بايدن الرئاسية حيث اسرعت ادارته بفتح قنوات اتصالية جديدة مع الحوثي وألغت قرار ترامب باعتبارهم تنظيماً ارهابيا محظوراً، وأوقفت الحرب وفرضت هدنة علي التحالف الدولي الذي كانت تقوده السعودية في ذلك الوقت.. ومنعت طردهم وإخراجهم من مدينه الحديدة علي ساحل البحر الأحمر .
ومما لاشك فيه أن (الا تفاق أو التوافق الخفي بينهما ) قد منح الحوثيين الوقت الكافي لاظهار تهيداتهم للسفن في البحر الاحمر ،واطلاق صواريخهم وطائراتهم المسيرة (التي كانت غالباً تسقط علي الأراضي المصرية)..وفي تباطؤ شديد قاموبتشكيل تحالفاً بحرياً وهمياً للتصدي للحوثيين.. بينما كان يمكنهم ذلك بكل سهوله وفي وقت وجيز (اذا ما كانت النوايا صادقة ) .
ورفضت اغلب الدول العربية والأوروبية المشاركة في هذا التحالف لعدم الثقة في ألاهداف الامريكية الخفية له وهي عسكرة البحر الاحمر ، والتحكم في مضيق باب المندب وهو مدخل ومخرج قناة السويس.. وطبعاً كلنا عارفين أهمية قناه السويس للاقتصاد المصري ودورها الحيوي الهام في مشروع طريق الحرير الصيني الذي ستشارك مصر فيه ، ورغبتهم في تحجيم القناة والتضييق علي السفن التي تمر بها لصالح قناه بن جوريون التي ترغب اسرائيل في انشائها وهو ما سيزيد من تهديد الاقتصاد المصري ومعاناته …(ولعل وعسى مصران تعود الي رشدها وتتراجع عن مواقفها) ولكن السحر انقلب علي الساحر… فقد خرج الحوثي عن الطوع الأميركي وقصف السفن الأمريكية والإنجليزية مما أدي لقيامهما بتشديد القصف والضربات .. الي ان أعلنت امريكا قرارها بإعادة ادراج الحوثيين كتنظيم ارهابي (ولكن برضه تااااني اعطتهم فرصه شهر قبل التنفيذ) .
وحتي الآن ما يزال نتنياهو مصرا علي اطاله الحرب وتوسيعها .. وأعلن متحديا ً ( أنه لن يخضع للضغوط الدولية أو الأمريكية ، وتفاخر بأنه الوحيد في تاريخ اسرائيل القادرعلي رفض المطالب الأمريكية وعدم الانصياع لها ).
وهو ما أحرج الإدارة الأمريكية أكثر وأكثر ، وتسبب في تصاعد التنديد الدولي بالضعف الامريكي، وأدي لقيام المظاهرات الأمريكية الحاشدة ، وتناقصت شعبية بايدن ، وزاد حجم معارضيه في الكونجرس ، وفي داخل وزارة الخارجية الأمريكية .
وبينما تمكث حماس في انفاقها لايزال الشعب الفلسطيني صامداً وحده يدفع من دماء أبناءه افدح الاثمان .. ولاتزال ايران واعوانها يكتفون بمشاغلة اسرائيل عسكريا في اطارمبدأ الصبر الاستراتيجي …ولايزال العديد من أشقائنا العرب في وادي آخر ، والبعض الآخر لايزال منشغلاً في احتفالاته ، والعديد أكتفي بإرسال مساعدات ، ولايزال يواصل الباقيين التعاطف والمساندة عن طريق البيانات والتصريحات الرنانة .
وتظل مصر بمفردها تتحمل العبء الأكبر وتتحمل واجبها الوطني في توفير المساعدات وتوصيلها ..بالرغم من كل التهديدات والضغوطات ، وتتجاوز في صبر شديد عن الهجوم الذي تتعرض له ،وسهام النقد التي توجه لها من أطراف ( داخليه وخارجية ،عربية وفلسطينية) بسب أحقاد دفينه ، أو شعارات قوميه انتهت صلاحيتها ، أوللضغط عليها لفتح معبرها والسماح بهجرة الفلسطينيين لأراضيها.

لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب

زر الذهاب إلى الأعلى