مقالات الرأى

مدحت عطا يكتب : حرب أكتوبر بين التحدي والإصرار والانتصار العظيم

كُنت قد أنتهيت من كتابة مقالى الأسبوعى ولكن أصرار عقلى وقلبى ووطنيتى فى مشاركة يوم النصر جعلنى أُبدل مقالى فى الكتابة عن أهم حدث تاريخى قد حدث فى العصر الحديث لمصرنا العظيمة والعرب جميعاً وهو نصر الكرامة والعزة والذى مر عليه خمسون عاماً وكأنه حدث أمس القريب حيث كنت وقتها فى الصف السادس الابتدائى وأعى تماماً ماحدث كأنه اليوم وكانت البيانات التى تصدر من قيادة الجيش المصرى تُدغدغ أسماعنا وعيوننا بعبور القناة ولحجم الخسائر الإسرائيلية والأهداف التى سقطت وخاصة خط الوهم اليهودى(بارليف) وعبور جنودنا القناة بمثابة فرح لامثيل له مطلقاً بالرغم من صغر السن ولكن رؤيتنا لأوجه الكبار هى مصدر هذه السعادة والفرحة والتى كانت تنتهى بالرقص فى الشوارع على نغمات الطبول والمزمار البلدى لأننى حينها كنت أعيش فى صعيد مصر وهذه طبيعتنا عندما نفرح بل والأفراح عمت كل الأوطان العربية والتى شاركت بعض من جيوشها فى هذه الحرب الشريفة مثل السودان والجزائر والسعودية والإمارات والمغرب وليبيا والكويت ومنها من شارك بالدعم المادى لشراء الاسلحة المطلوبة وكان أيضا للدعم السوفيتى لمصر والعرب نبراساً يتحدث عنه التاريخ بحروف من ذهب حيث كانت الحرب الباردة حينذاك مشتعلة بين الأتحاد السوفيتى وامريكا على أكمل وجه…!!!
ولايفوتنى فى حديثى عن هذه الحرب المقدسة الأجواء التى سبقتها وأسبابها حيث كانت هذه الاجواء شعوراً وأحساساً صعباً على القلوب قبل العقول لشعبنا العظيم والذى كان ينتظر الأخذ بالثأر وأستعادة أرضنا المحتلة (شبه جزيرة سيناء)من أيدى أنجس شعب وجيش على وجه الارض حيث كانت حرب الأستنزاف وما تخللها من بطولات لقواتنا المسلحة أحدثت الرعب والهلع فى قلوب الجبناء من قوات اليهود ولكن كانت نفوس وإرادة الشعب تُريد الحرب وعلى أستعداد تَحمُل كل الظروف من الغالى والنفيس حتى نستعيد كرامتنا المهدرة بسبب هزيمتنا المشئومة(حرب النكسه) فى٦٧ والتى أحبطت الآمال فى هزيمة هذا الجيش الذى لايُقهر كما كانوا يدعون حيث كانت تقف وراءه أمريكا بكل قوتها المنحازة تماماً لليهود حيث تضع هذه الدولة(أسرائيل) شوكة فى ظهور بلادنا العربية من أجل توزان القوى الدولية كما يعتقدون…!!!
والجدير بالذكر أنه واحد من أهم أسباب حرب أكتوبر هو فشل المفاوضات التى تمت بين مصر وإسرائيل تحت رعاية أمريكا عام 1968 حيث رفض الملاعين من الإسرائيليين الإنسحاب من الأراضى العربيةوهو ماجعل الرئيس المصرى أنور السادات (بطل الحرب والسلام) ونظيره السورى حافظ الأسد شن حرب أكتوبر 1973 ضد إسرائيل لأسترداد شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان…!!!
ونتيجة للدعوات الشعبيةوالاستعدادات المسلحة والخداع الاستراتيجى وحُسن إختيار التوقيت قد أشتعلت الحرب الطاهرة على الجبهتين المصرية والسورية وكانت نتائج هذه الحرب على صعيد الارض هى أسترداد السيادة الكاملة على قناة السويس وعودة الملاحة الدولية بها وجزء كبير من شبه جزيرة سيناء وأسترداد جزء كبير من هضبة الجولان وكذلك مدينة القنيطرة للسيادة السورية وأيضا خسارة العدو الإسرائيلى نحو ٣٠٠٠ قتيل وتدمير حوالى ١٠٠٠ دبابة وأسر عدد كبير منها وغيرها من الطائرات والمصفحات القتالية وأنتهاء أسطورة الجيش الذى لايُقهر…!!!
ومن النتائج السياسية والدولية حيث كان الأهم هو وحدة العرب أثناء الحرب وبعدها بملحمة شهد لها العالم كله مما أدى إلى عودة العلاقات الدبلوماسية مابين مصر وأمريكا وجميع العرب وتحول الاتجاه السياسى من تحت عباءة الأتحاد السوفيتى إلى أمريكا وحدث نمو أقتصادى لم تشهده المنطقة من قبل (الإقتصاد الحر) والأجدر بالذكر نجاح العرب بقيادة المملكة العربية السعودية بأستخدام النفط كسلاح مؤثر فى أنحيازات بعض الدول الغربية أثناء الحرب رحم الله الملك فيصل فكان هو قائد هذا السلاح المؤثر والذى غير الخريطة الإقتصادية لدول الخليج العربى فأصبحت قوى قتصادية فاعلة ومؤثرة على المستوى العالمى ونهضة عمرانية وبشرية لم يسبق لها مثيل فى منطقة الخليج…!!!
ولكن الإنتصار العظيم كان له ثمن كبير فى عدد الأفراد من قواتنا الباسلة أبناء الشعب المصرى العظيم وتوشحت معظم البيوت المصرية بثياب السواد لوجود عدد من الشهداء قد نالوا شرف الشهادة فى هذه الحرب المقدسة ولكن الفرحة كانت عارمة مخلوطة بالحزن لأسترداد أرضنا المغتصبة فلذا كانت حرب أكتوبر أصرار شعب وتحدى جيش لقوى الشر الطاغية فكان الانتصار العظيم…!!؟
رحم الله شهداءنا وفى جنة الخلد بإذن الله
وأختم مقالى بهذه الآية الكريمة التى تجعلنا لا نغفل من ندالة العدو اليهودى على مر الازمنة حيث قال تعالى : “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا أسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ”
وإلى مقالة أخرى دمتم بخير وسعادة..!!!

زر الذهاب إلى الأعلى