مدحت عطا يكتب : الصحابى الذى حفر له الرسول قبره بيده
شدتنى هذه القصة فشعرت برغبة قوية إن أنقلها لكم بتصرف لنتعرف على عظمة رسولنا الكريم وتضحية الصحابة الذين كانت لهم النعمة والبركة والشرف فى رؤيته وصُحبته صل الله عليه وسلم تسليماً كثيراً طيباً مباركاً فيه وياليتنا نلنا هذا الشرف العظيم…!!!
واليكم قصة الراجل الذى حفر له النبى ﷺ قبره بيده ورفض أن يشاركه أحد فى الحفر هذا الراجل كان إسمه قبل أن يُسلِم عبد العُزىٰ المُزنى نسبةً لمدينته مُزَينه بالحجاز فقبيلتة مُزَينة هى قبيلة عربية معروفة فى نسبها وتاريخها فى الجاهلية والإسلام وهى من عمود النسب الشريف” نسب النبى صل الله علية وسلم” إذ النسب واحد من عدنان بن أدد بن إسماعيل إلى الياس بن مضر بن نزار ثم يفترق النسب إلى نسب قبيلة مُزينة وأنخرط من هذه القبيلة الشهيرة مايقرُب من مائةوأربعة صحابى وأثنَى عليهم رسولنا الكريم فى أكثر من موضع وكان من أشهرهم هذا الصحابى الجليل الذى حفر رسولنا بيدها الشريفتان قبره…!!!
أسلم وعمره ١٦ عاماً وتوفي وهو ٢٣ عاما وكان شاباً غنياً ومُنعماً جداً فى حياته توفت أمه وأبوه وهو صغير فرباه عمه وكان شاباً مُميزاً جداً بين الشباب بملابسه الغالية والجميلة والتى يؤتىٰ بها من الشام خصيصاً من أجله وكان الشاب الوحيد الذى يملُك فرساً فى وقت كان فيه أفضل شابٍ فى مُزَينة يملك بغلة صغيرة وكان عمه من سادة مُزَينة…!!!
فحين تم عبد الله ١٦ عاماً كان ذلك الوقت الذى يُهاجر فيه الصحابة من مكة إلى المدينة وكانوا يمرُّون على مُزَينة فى طريق هجرتهم ويمرُّون مسرعين جداً لأن كفار قريش يلحقون بهم فقابله يوماً أحد الصحابة فى أثناء هجرته وعرض عليه الإسلام فأسلم فوراً وبعد أن أسلم طلب منهم أن يُعلموه شيئاً من القرآن فقالوا لن نستطيع أن نظل معك لأن قريش تلحق بنا ولكن إن شئت فإلحق بنا فى الطريق لتتعلم القرآن فكان يسير خلفهم مشياً على الأقدام يقرؤون القرآن وهو يقرأ وراءهم مسافة ١٥ كيلو فى الصحراء ثم يرجع إلى مُزَينة ويعود فى اليوم التالى يقف على حدود مُزَينة ينتظر أن يمر صحابى فى طريق هجرته فيقول له علمنى من القرآن ويقرأ عليه ما حفظه فى اليوم السابق حتى تعلَّم أكثر من سورة من القرآن الكريم…!!!
فجاءه يوماً أحد الصحابة فقال له ولمَ لا تُهاجر معنا إلى رسول الله ﷺ فقال : له لا أُهاجر قبل أن يُسلم عمى فهو من ربانى ولن أُهاجر قبل أن آخذ بيده للإسلام…!!!
فظل فى مُزَينة ثلاث سنوات يُخفى إسلامه وظل يتحين أى فرصة للحديث مع عمه ليُخبره عما وصل إليه من هذا الدين الجديد الذى جاء به محمد ﷺ وذلك كل يوم وكان عمه يرفض رفضاً شديداً أن يستمع لما سيقول وكان إن أراد أن يُصلى ذهب بعيداً فى الصحراء حتى لا يراه أحد وبعد أن مرت ثلاث سنوات على هذا الحال وفى أحد الايام ذهب إلى عمه وقال لقد تأخرت على فأخرتنى عن رسول الله ﷺ يا عمى وما عُدت أُطيق فراق النبى ﷺ وإننى أريد أن أُخبرك بأنى منذ ثلاث سنوات وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإننى الآن مهاجر إلى رسول الله وأُحب أن تكون معى فإن أبيت فلن يردنى عن الهجرة إليه شئ فغضب عمه غضباً شديداً وقال لإن أبيت إلا الإسلام جردتك من كل ما تملك فقال يا عمى إفعل ما شئت فما أنا بالذى يختار على الله ورسوله شيئاً فقال إن أصررت جردتك حتى من ملابسك التى عليك وقام فمزق له ملابسه التى كان يرتديها فقال عبد الله والله يا عمى لأُهاجرن إلى رسول الله مهما فعلت بى…!!!
وبدأ هجرته وهو شبه عارى فى الصحراء حتى وجد بجادٍ(شوال من الصوف) فأخذه وشقه نصفين وربط نصفه على وسطه ونصفه الآخر وضعه على كتفه حتى وصل المدينة فدخل على رسول اللهﷺ فقال له النبى من أنت فقال أنا عبد العُزى فقال النبى ولم تلبس هكذا فقال لقد أسلمت فجردنى عمى من كل ما أملك حتى ملابسى ولم أجد فى طريقى إلا هاذين البجادين فأتيتك بهما فقال النبى أوفعلت فقال نعم فقام النبى وقال من اليوم أنت عبد الله ذَى البجادين ولست عبد العزى فقد أبدلك الله عن هاذين البجادين رداءً فى الجنة تلبس منه حيث تشاء
ومن شدة فقره سكن فى مساكن أهل الصُفة وهى مساكن للفقراء خلف بيت النبى وتأتى غزوة تبوك وعُمره ٢٣ عاماً فيخرج إلى الغزوة مع النبى ثم يقول يارسول الله إدعوا الله لى أن أموت شهيداً فيرفع النبى يده ويقول اللهم حرم دمه على سيوف الكفار…!!!
فيقول عبد الله ما هذا بالذى أردتُ يا رسول الله فقال النبى يا عبد الله إن من عباد الله من يخرج فى سبيل الله فتصيبه الحمى فيموت فيكون شهيداً وإن من عباد الله من يخرج فى سبيل الله فيسقط عن فرسه فيموت فيكون شهيداً ولعلك تصيبك حمى فتموت فتكون شهيداً ويشهد عبد الله غزوة تبوك مع النبى وينتصر المسلمون…!!!
وفي طريق عودتهم بالفعل تُصيب عبد الله حمّى شديدة ويبدأ يتألم آلام الموت..!! فيحكى لنا عبد الله بن مسعود قصة موت عبد الله ذى البجادين فيقول كنت نائماً فى ليله شديدة البرد شديدة الظلام وبينما أنا نائم سمعت خارج خيمتى صوت حفر فعجبت من يحفر فى هذا البرد والظلام…!!؟
فأستيقظت وبحثت عن النبى وعن أبى بكر وعمر فى خيمتهم فلم أجدهم فتعجبت أين ذهبوا فخرجت من خيمتى فإذا أبو بكر وعمر يُمسكان سراجاً والنبى يحفر قبراً فذهبت إليه وهو يحفر فقلت ما بك يا رسول الله فرفع وجهه الشريف إلى فإذا عيناه تذرفان الدموع وقال : مات أخوك ذو البجادين فنظرت إلى أبو بكر وقلت أتترك رسول الله يحفر وتقف أنت بالسراج فقال أبىٰ النبى إلا أن يحفر له قبره بنفسه…!!؟
فحفر النبى بيديه قبر ذى البجادين ثم نزل إلى القبر وإضجع فيه بجسده ثم قام ورفع يديه إلى أبو بكر وعمر وقال إدنيا إلى أخاكما ورفقاً به إنه والله كان يحب الله ورسوله…!!!
ويقول عبد الله بن مسعود فرأيت النبى يحتضن الجثمان بشدة ودموعه تسقط على الكفن وكبر أربع تكبيرات و قال رحمك الله يا عبد الله كنت أواباً وتالياً للقرآن ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم إننى اُشهدك أننى أمسيت راضياً عن ذى البجادين فأرض عنه…!!!
يقول عبد الله بن مسعود والله لقد تمنيت يومها أن أكون أنا صاحب الحفرة…!!
اتمنى أن تكون هذه القصة قد أعجبتكم وفيها من الوفاء والصدق والتضحية لنبراساً وهُدى لنا ومن قرأها…!!!
والى مقالة أخرى دمتم بخير وعافية