محمود سامح همام يكتب: كيف يؤثر التوتر في السودان علي الأمن القومي المصري؟

اشتباكات مسلحة دموية وتفاقم النيران وضربات جوية متبادلة في الخرطوم بين الجيش الوطني السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح برهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف “بحميدتي” منذ اندلاع الصراع بينهما في ١٥ ابريل بسبب خلاف بين القائدين علي طريقة دمج قوات الدعم السريع التي يبلغ عددها اكثر من ١٠٠ ألف عنصر في الجيش السوداني، بالإضافة الي الخلاف علي من سيتولي منصب القائد العام خلال فترة الاندماج التي ستمتد لفترة طويلة.
وخلال هذه الحرب الداخلية المسلحة سوف نطرح سؤالا مهما وهو ما تأثير الوضع الحالي في السودان علي الأمن القومي المصري ؟
نسلط الضوء أولا علي ماهية قوات الدعم السريع وكيف نشأت؟
حيث يعود جذور الموضوع الى العام ٢٠٠٣ التي ظهرت فيه حركات تمرد من قبائل ذات أصول افريقية في السودان ضد النظام الحاكم وقتها مما أدى في الوجه المقابل إلى ظهور مجموعات مسلحة عرفت ” بالجنجويد ” وهي مليشيات من القبائل العربية قاتلت نيابة عن الرئيس البشير بقيادة محمد حميدتي، واُتهمت وقتها الجنجويد بارتكاب العديد من الجرائم والتجاوازت من نهب وإحراق قرى واغتصاب وإعدام مدنيين .
وفي محاولة لإضفاء الشرعية على هذه القوات نتيجة لتصديها للقبائل المتمردة أُصدر البشير مرسوما رئاسيا عام ٢٠١٣ نص على تسميتها “قوات الدعم السريع” وقد أصبحت من وقتها تابعة لجهاز الأمن والمخابرات السوداني، ثم وافق البرلمان عام ٢٠١٧ على قانون بأن تكون هذه القوات تابعة للجيش الوطني .
وفي العام ٢٠١٩ وجه اتهام لقوات الدعم السريع بعد إزاحة الرئيس السوداني عمر البشير بالاشتراك فيما عرف إعلاميا “بمذبحة القيادة العامة ” خلال فض اعتصام سلمي أسفر عن مقتل أكثر من ١٢٠ شخصا ألقى العديد منهم في نهر النيل .
حتي وصل الخلاف كما ذكرنا بين القائدين العسكريين علي الاندماج والحرب الداخلية التي أسفرت عن تدمير المباني ومقتل عشرات المدنين يومياً وتهديد أمن المنطقة
فما تأثير الصراع الحالي في السودان علي الأمن القومي المصري؟
هناك اتفاق بين المحللين السياسيين على أن تأثير الصراعات الداخلية في السودان تترك مخاطر وأضرار مباشرة علي مصر وأمنها القومي نتيجة لحالة السيولة التي تتسم بها هذه الاشتباكات لدرجة أن البعض يري أن اتساعها يرشح إلى الدخول في حرب أهلية واسعة نتيجة لطبيعة البيئة السياسية السودانية التي تسمح بسهولة تحرك العناصر الإرهابية بها
بالإضافة الى النزوح السكاني السوداني إلي مصر والذي بدأ بالفعل ويشكل ضغوطا علي الإقتصاد المصري، وضعوطا أخرى لوجستية بشكل عام.
إن توتر العلاقات المصرية السودانية
يعد واحدة من أهم محددات الأمن القومي المصري، ومصر والسودان كما تراهما الأدبيات التاريخية جانبين لرئة واحدة، ويصفها الكثيرون بأنها علاقات تاريخية استثنائية علي الرغم من الأحداث التي وترت العلاقات بعض الشئ بين الدولتين بسبب حادثة احتجاز عناصر من قوات الدعم السريع لسرية من الجيش المصري في مطار الخرطوم
ورغم تاكيد مصر على احترامها للشأن الداخلي السوداني الا أنها تقف في صف الجيش الوطني السوداني بوصفه الجهة المنوط بها حفظ الاستقرار، كما أن القاهرة تخشي زيادة نفوذ اثيوبيا في السودان عبر علاقاتها الوثيقة مع حميدتي قائد قوات الدعم السريع
ويرى البعض أن المستقبل القريب يحمل تداعيات غير مأمونة الجانب جراء هذه التوترات والصراعات التي تعكس تضارب مصالح اقليمية غاية في التعقيد، مما يوجب علي مصر أن تتكاتف في دعم السودان ومؤازرته في هذه المحنة للوصول إلي مفاوضات وحل يرضي الطرفين من أجل استقرار السودان