مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب: خلّيك عادي!

(خلّيك عادي لأن ده بقى العادي)!! عبارةٌ رَنَّ صداها في أسماعي تلك الفترة، كلما أقدمتُ على شراء أو مجرد السؤال عن سعر سلعةٍ ما، خاصة وأن كل سلعنا أصبحت تخضع لقوانين البورصة (كل يوم بسعر)!! وهنا يجب الترحم على زمن (مجنونة يا أوطة)، عندما دفعَ تضاربُ سعر الطماطم المصريين لوصفها بالجنون، فأمست اليوم حياتُنا كلها مجنونة ولا عزاء للطماطم!!

هل من المنطقي أن أكون (عادي) عندما أدفع ألف جنيه لشراء ( 2 ) كيلو لحمة، بينما كنتُ أشتري بها ما يكفيني من لحوم طوالَ الشهر من فترةٍ ليست بالبعيدة؟! وقد يُراجعني هنا البعض ويقول: ( 3 كيلو ) يا افندم، سأُجيبه: بل ( 2 كيلو ) بعد نزع الدهن (والذي منه)!!

أم أكون (عادي) وأنا أشتري بروتين الغلابة _ السمك البلطي _ بما يَزيد عن مائة جنيه لتَدفعَ في وجبةٍ لأسرةٍ مكونةٍ من أربعة أفراد ما يزيد عن مائتي جنيه، وهذا بالطبع حالَ عفَّرتَ حذاءك ونزلتَ سوق سمك قريبةً لتشتري منها، لأنه حال تهوّرتَ واشتريتَ من مطعم، سيُضاف إلى طلبك ضرائبُ ما أنزل الله بها من سلطان، ويقفز المبلغ (بقدرة قادر) لما يتجاوز خمسمائة جنيه، فـ (خلّيك عادي)!!

العادي أصبح أيضًا أن تكلفك أقل فسحة للتنفيس عن أولادك بعد عام دراسي حصد الأخضرَ واليابس من أعصابك وأموالك، ما يَزيد عن ألف جنيه، بدون تناول أي نوع من أنواع (الفاست فوود)، ولعل تلك هي الحسنة الوحيدة للجنون الذي نعيشه اليوم.

(خلّيك عادي) وأنت تطالع أخبار (الكومباوندات) والسيارات والأجهزة المنزلية، (خلّيك عادي) جدًّا عندما تمر إعلاناتُ شركات السياحة عن أسعار العمرة والحج أمام عينيك!!

واحذرْ أن تتجاوزَ العادي، خاصةً عندما تجد (السوبرماركت) يَعرِضُ عليك تقسيطَ مشترياتك اليومية على المدى الطويل؛ لِضَعْفِ ميزانيتِك عن شراء المستلزمات الأساسية لبيتك، حتى أسبوع من موعد استلامك راتبَك الشهري!!

لقد قلتُ لك (خلّيك عادي لأن ده بقى العادي)؛ حِفاظًا على صحتك وأعصابك واستمرارية سعيك في الحياة بدون شغف، لأنه ببساطة إذا لم تصمُدْ في منطقةِ العادي، ستُضطر لدخول دائرة أشد خطورة وهي دائرة إعادة التأهيل للعودة إلى منطقة العادي ( العادي zoon)، ألا وهي دائرة المستشفيات والأطباء والعلاجات، لتَخرُجَ مُحَمَّلًا بالديون عِقابًا على سخطك وعدم رضائك بالعادي!! (وعلى إيه.. خلّيك عادي)!!

زر الذهاب إلى الأعلى