سيد البالوي يكتب : بهدوء نفهم الوعي الثقافي .. الحالة والحل

يستند على عدد من الركائز الأساسية،،،،،،،
يأتي في مقدمتها دور المؤسسات الدينية مثل الأزهر والكنيسة المصرية لما لهما من قداسة وتأثير وارتباط وجداني وروحاني داخل النفس البشرية للإنسان المصري الذي يؤمن عظيم الإيمان بحب الخير والتسامح والعمل لما بعد البعث.
ولا نجهل دور المؤسسة الوطنية لقواتنا المسلحة التي تقوم بدور تدريبي وتأهيلي وتثقيفي ومعرفي لرفع الوعي وإيقاظ الهمم والتلاحم الشعبي في جميع الأزمات وما تحظي به من ثقة وتقدير وإحترام لدى المواطن المصري.
ثم يأتي دور المؤسسات المختصة بالشأن المعرفي والثقافي والشبابي والأهلي والتي يتفاوت درجة تأثيرها وحضورها الجماهيري،فعلى سبيل المثال تأتي وزارة التربية والتعليم في الخط الأمامي الأول لما لها من تأسيس وإعداد وتأهيل لأبناء الوطن فلا يوجد بيت في مصر إلا وله ابن أو أبنة أو أكثر في مراحل تعليمية مختلفة وبذلك تصبح وزارة التربية والتعليم من المؤسسات التى يمكنها الوصول لأكبر شريحة من الشعب بالتواصل والاتصال المباشر.
وتأتي وزارة الشباب في الترتيب التالي للقدرة على التأثير في شريحة مهمة ومرحلة حرجة في عمر أبنائنا وهي مرحلة الشباب وتحقق في ذلك تواجد ملموس وقاعدة جماهيرية كبيرة رغم وجود شريحة أكبر من الشباب الغير مقيدين في عضويات الأندية ومراكز الشباب .
ويأتي في المرحلة المكملة لدور التربية والتعليم والشباب دور وزارة التضامن الإجتماعي التي تدعم تماسك المجتمع ورفع المعاناة عن الأُسر الفقيرة ودعم التنمية الأهلية والأنشطة الثقافية بعدد كبير من الجمعيات الأهلية والتي انحصر دورها قديماً في جمعيات على الورق فقط دون تأثير مجتمعي إلا عدد قليل جداً ولم تسترد التضامن الإجتماعي عافيتها إلا بعد “المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” وأيضا بعد إطلاق التحالف الوطني للعمل الأهلي إلا أن الدور الثقافي للجمعيات الأهلية لم يتعدى حوائط قاعاتها رغم عددهم الكبير.
ثم يأتي الدور الأخير للمؤسسات المختصة والأكثر غرابة أنها المؤسسة الأكثر تخصص والأهم في التواجد والحضور الجماهيري وهى وزارة الثقافة والتي ابتعدت كل البعد عن الدور الحقيقي من الحفاظ على هوية وإرتقاء سلوكيات المجتمع للحفاظ فقط على مباني ومراكز الوزارة وترك دور الريادة لتلعب دور إدارة الأكاديميات والمعاهد ومخاطبة شريحة قليلة جداً من الشعب المصري جعلت العمل الثقافي هو فقط فى مهرجانات الأغاني والسينما والبيت الفني للمسرح ومركز الأوبرا للفنون وغيرها من المراكز التي لا نرى لها أي تأثير على الذوق العام للمواطن المصري بجعلها الثقافة تبدو وكأنها طبقية وترك التعامل الثقافي للجماهير مع هيئة قصور الثقافة التي انشغلت هي الأخرى بالفرق التابعة لها ولم تعد تسعى لجذب الجماهير فتحولت قصور الثقافة لمباني شاهقة فارغة إلا من بعض القاعات التي تقام فيها ندوات جميع من يحضرها ومن يحاضر فيها يتشوقون لرؤية الجمهور ولا أتحدث عن المجلس الأعلى للثقافة فمن الاسم هو مجلس أعلى لاوجود له في حياة الانسان المصري ولا يوجد أي تأثير لكافة لجانه في حياة المواطن حتى معرض القاهرة الدولي للكتاب وبالبيانات والإحصائيات التي تم نشرها من الجهة المختصة لو سلمنا بأن كل من زار المعرض مهتم بالثقافة فلم يتجاوز العدد 3% من تعداد الشعب المصري .
بالإضافة لدور المؤسسات يأتي دور الاعلام صحافة وتلفزيون ويأتي دور السينما والدراما ودور المفكر الذى يقدم الحلول وطبعاً لا يخفى على أحد فالأعلام المصري الرسمي والخاص يعتبر الوعى الثقافي أو الثقافة والآداب بشكل عام هو شأن هامشي وليس ضمن خريطة العمل الأساسية وما تم إنتاجه من أفلام ومسلسلات ذات توجه هدمي على مدار فترة زمانية ليست بالقليل أدى إلى تربية أجيال على أفكار أشد تطرف من الفكر الإرهابي لأنها أفكار إجرامية في حق المجتمع وبات المفكر في حيرة من أمره كيف يقدم حلول وسط هذا الكم من الضباب والتخبط وعدم وجود رؤية موحدة وحاضنة وطنية تقود الجميع ،وظل الأمر على هذا الحال حتى أصبحنا في عالم السماء المفتوح والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي وتحولت الآفات إلى وحوش عملاقة تلتهم كل نتائج ومكتسبات التنمية بجميع أنواعها سواء تنمية مجتمعية أو اقتصادية أو عمرانية أو حتى تنمية تعليمية وتثقيفية .
وعلى إستحياء يأتي دور النقابات التي لديها لجان ثقافية وتقيم بعض الأنشطة أما النقابة المعنية بالشأن الثقافي والأدبي إتحاد كتاب مصر فهي نقابة لا تمتلك أي إمكانيات أو قدرة على رعاية الكتاب ولا تستطيع تقديم أي عمل حقيقي على أرض الواقع سوى بعض الأمسيات والندوات التي أصبحت هي المتنفس الوحيد لبقائها على قيد الحياة.
ولا يمكن أن نغفل دور الأحزاب السياسية في العمل العام ولكن جميع الأحزاب خارج التواجد والثقة الجماهيرية ولا تستطيع تقديم شيء في الشأن السياسي المعنية بالعمل من أجله وبذلك هي غائبة عن أى دور في الوعي الثقافي.
لم يتبقى لنا سوى عصب الأمر وهو المواطن المطحون بين الغياب الفكري والحروب العدوانية على ذهنه في كل صباح ومساء من الإشاعات والأكاذيب والتشكيك وإستغلال كل أزمة في محاولة لوضع الإنسان المصري دوماً تحت ضغوط الخوف والقلق والتجهيز النفسي الذي يؤدي إلى الإنفجار حتى يدمر كل مكتسب ويكون هو الجاني والمجني عليه فغياب فتح الأُفق العقلي للإنسان حتى يُبدع ويُفكر يجعله منشغل دوماً بشيء واحد فقط ماذا يأكل ؟
وفى هذه الحالة لن تستطيع أي حكومة القيام بعمل تنمية أو رؤية لأنسان يأس ومحبط ومتشكك في كل شيء.
وحيث أنه لا توجد رؤية واحدة ومشروع قومي للوعي الثقافي سيظل الجميع يعلن أنه لا يستطيع تغيير هذا الوضع وسنظل نسمع أعذار مثل الوضع الاقتصادي وإتهام الناس بأنهم لا يهتمون بالثقافة ولا بالوعي المعرفي رغم أن الإنسان المصري البسيط يتنفس الثقافة والوعي ولكن تغريب وتخريب ودكترة الثقافة جعله يشعر بالعزلة والغربة فالمصري الفصيح لم يعد له مكان على مائدة السادة خريجي معاهد النقد الذين أصبح تواجدهم يُقدم على تواجد المبدع بل تحول دور النقد من إستخلاص جماليات الإبداع إلى وضع قوالب تصنيع لايُعترف بالإبداع إلا من خلالها.
وأصبحنا أمام اختيار أخر بعد اختيار إنقاذ الوطن من الإختطاف لأفكار متطرفة وجماعات إرهابية وإختيار مسار البناء والتنمية وإنهاء فوضى العشوائيات وإستعادة حياة المواطن حياة كريمة إلى اختيار أهم وهو اختيار الوعي الثقافي شريان حياة حتى لا تضيع كل مكتسبات المرحلة وسرعان ما نجد إنتكاسة تعصف بكل ما تم إنجازه فبدون الوعي الثقافي الجامع والشامل لكل نواحي الوعي المجتمعي حالنا كمن يحارب وظهره مكشوف لكل اعدائه لأنه حتى الان لم يتم محاربة الفكر التطرفي والإرهابي والإجرامي تم فقط السيطرةعلى العمليات الإرهابية بعدد كبير جداً من أبنائنا الشهداء ورغم دمائهم الطاهرة فترك الساحة الفكرية تربو فيها نفس الأفكار وتُخرج لنا متطرفين جُدد من فلذات أكبادنا ليقتلوا فلذات أكبادنا جريمة يحاسب عليه كل مسؤول عن الشأن الثقافي والمعرفي في هذا الوطن ويجب أن تتحرك الثقافة بالمواكبة مع التحرك الأمني الذي يكلف الدولة أعباء لا حصر لها فى ظل حالة من الصمت والجمود ممن أعتمدت عليهم الدولة فى حمايتها فكرياً فخانوا القسم والعهد والثقة وإنشغلوا بكم كتاب صدر لهم وكم دكتوراه حصلوا عليه.
وهنا يقف متخذ القرار أمام الاختيار الأصعب كيف يمكن إرضاء الناس وكيف يمكن غرس عقيدة من الإيمان بالعمل الوطني وكيف يمكن تدارك هذه الحالة من الفجوة بين العمل على البناء والإعداد للمستقبل وتوفير إحتياجات الناس وكيفية إصلاح التصدعات في لحمة تماسك المجتمع ورغم أن الأمر يبدو شبه مستحيلي فتغيير العقل من أصعب الأمور في الإنسان فما بالكم بتغيير عقل أمة، ولكن في وجود رجل يمتلك الشجاعة والإيمان الخالص لتجديد وعي الأمه وهو فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي فإننا نستطيع ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، يُتبع