مقالات الرأى

مختار محمود يكتب: صلاح ورمضان وبينهما باسم

لماذا حظي حديث باسم يوسف عن العدوان على غزة على ما يشبه الإجماع الشعبي والنخبوي، فيما لم يحدث هذا مع فيديو محمد صلاح وفيديو محمد رمضان، رغم أنهما أيضًا تناولا القضية ذاتها التي لا تزال مشتعلة ولم تُلقِ أوزارها بعد؟! ولماذا بدا الأول أكثر تأثيرًا، فيما تراجع هذا التأثير بالنسبة للثاني والثالث رغم شهرتيهما، وانقسهم الناس حولهما؟
أمور كثيرة ترجح كفة باسم يوسف عن غيره ممن أبدوا تعاطفًا طبيعيًا أو مفتعلاً، سريعًا أو متأخرًا مع أهالي قطاع غزة الذين لا يزالون يعيشون تحت القصف الصهيوني الذي يحصد أرواحهم دون تمييز ودون رحمة، وسط تواطؤ كريه وبغيض من المجتمع الدولي.
ابتداءً..فإن باسم يوسف يتفوق على “صلاح” و “رمضان” تعليميًا؛ فالرجل كان أستاذًا بكلية طب قصر العيني، ما يعني أنه كان طالبًا نابهًا في دراسته، سواء في المرحلة قبل الجامعية أو في المرحلة الجامعية، فيما اكتفى “مو” بشهادة متوسطة، و”رمضان” بالشهادة الثانوية.
وبغض النظر عن الثروة والشهرة، فإنهما لا يغنيان عن صاحبهما شيئًا إذا ما استسلم لهما، ولم يزينهما بالتعليم والفهم والوعي والإدراك، وهذه الإشكالية تبدو واضحة جدًا مثلاً عند لاعب معتزل مثل: محمد أبو تريكة ولاعب لم يعتزل بعد وهو شيكابالا، فالأول لا يزال ملء السمع والبصر بتصريحاته الموزونة ومواقفه العاقلة، والثاني لا يزال اسمه مرتبطًا بالأزمات والتصرفات المثيرة للغضب والجدل!
إذن.. باسم يوسف شخص نابه من صغره، وليس حديث عهد بمال أو شهرة، ويستطيع بذكائه -مع كل إطلالة- اكتساب شعبية جديدة، وهو ما لا يتوفر للاعب والممثل اللذين يخسران دائمًا عندما يتحدثان في غير تخصصهما، فكما قالوا قديمًا: “من تحدث في غير فنه أتى بالعجائب”!
بغض النظر عن اختلافك معه سياسيًا.. فإن باسم يوسف تمكن قبل إبعاده عن مصر من اكتساب شعبية جارفة عبر برنامجه التليفزيوني، ولم يكن ذلك إلا لحضوره الطاغي وموهبته الاستثنائية التي أغضبت فريقًا من الفاشلين فقرروا هدم المعبد فوق رأسه، بدلاً من الاستفادة منه بشكل مباشر أو غير مباشر.
ولا شك أن باسم يوسف -رغم عديد من تحفظاتك عليه- هو أعظم موهبة وحضورًا من جميع الإعلاميين المستأنسين خلال السنوات العشر الأخيرة.
فضلاً عن التميز العلمي..فإن باسم يوسف في الموقف الأخير تحديدًا لم يكن مدفوعًا تحت ضغط شعبي أو افتراضي مثل: “صلاح”، كما لم يكن مأمورًا من جهة ما بأن يخرج ويقول كلامًا عشوائيًا غير موزون مثل: “رمضان”، لذا صدق الناس الإعلامي البارز المنفي منذ سنوات خارج بلاده، حتى إنه لم يتمكن من حضور تشييع جنازة والده، واستهجنوا رسالة لاعب الكرة، وسخروا من افتعالات الممثل.
إذن باسم يوسف لم يتلق توجيهًا أو فرمانًا من أحد مثل: “صلاح” و”رمضان”؛ لذا جاء حديثه طبيعيًا مقبولاً معبرًا بصدق عن مشاعر ملايين العرب والمسلمين ومَن في قلبه قدر ضئيل من الإنسانية. أما حديث “صلاح” فقد ظن البعض الفيديو الخاص به قد تم تنفيذه بتقنية الذكاء الاصطناعي؛ جراء بروده وميوعة كلامه، فيما تأكد الكثيرون أن “رمضان” كان مأمورًا بما قال، فور انتهائه من “جلسة الباديكير”!
ورغم أن الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد نظم قبل أكثر من 15 قرنًا: إذا كنت مرسلاً في حاجة/ فأرسل حكيمًا ولا توصِهِ، فإن أهل الحل والعقد لا يزالون يختارون أسوأ رسلهم؛ ليُحملوهم رسائل ثقيلة تفوق قدراتهم العقلية والذهنية والنفسية، وهو ما حدث تحديدًا في حالة محمد رمضان، وهو ما يجلب عواقب وخيمة!
ولأنَّ باسم يوسف ذكي ذكاءً حقيقيًا فإنه لم ينخذع بتأييد المصريين تحديدًا له، حيث لم يقع أسيرًا لهم، بل كتب سريعًا على حساباته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي: “من عاش بمدح الناس مات بذمهم. بكرة تقلبوا عليا تاني..لقد رأيت هذا الفيلم من قبل”، وهذه شيمة الأحرار من الرجال الذين لا يطأطئون الرؤوس ولا يأسرهم معسول الكلام ويعتبرون من المواقف، أما غيرهم فهم يترقبون الأوامر وينتظرون التكليفات!

زر الذهاب إلى الأعلى
اكتب رسالتك هنا
1
تواصل معنا
اهلا بك في بوابة " مصر الآن"