مقالات الرأى

مايسة السلكاوى تكتب : الزراعة ملاذ آمن

أحسنت وزاره الزراعه من خلال مركز البحوث الزراعيه فيما تقوم به من تجارب لاستحداث زراعات جديده في مصر ،خاصه مع التغيرات المناخيه التي نشهدها حاليا ومن أحدث هذه التجارب ،زراعه البن المصري، فهذا هو النهج الصحيح للارتقاء بالزراعة، فالحضارة المصريه انطلقت من الزراعه لتصنع تاريخ البشريه ،وكانت الركيزة الأساسية التى اعتمد عليها محمد على باشا لتأسيس مصر الحديثة فكانت عصب الاقتصاد المصرى ، حين أدرك أنه لبناء دولة قوية لابد من تحقيق الاكتفاء الذاتى من الزراعة والصناعات القائمة عليها .
حتى 1805م كانت تزرع بمصر العديد من الحاصلات الزراعية يتصدرها بالطبع القمح إلى جانب الأرز والشعير والكتان والفول والعدس والحمص الترمس وغيرها من الخضار والفواكه وطبعا البصل وكان ثانى الحاصلات الزراعية التى يتم تصديرها من خلال مينا البصل بالإسكندرية ، وقليل من القطن الردئ .
فكر محمد على باشا ابتكار أنواع جديدة لزيادة ثروة مصر الزراعية فأدخل زراعة أشجار التوت لصناعة الحرير مستعينا بخبرة مزارعين من الشام حيث تم غرس ثلاثة ملايين شجرة توت على مساحة عشرة آلاف فدان بالمحافظات المختلفة ، وكذلك زراعة كم هائل من أشجار الزيتون لاستخراج الزيت .واستعان محمد على ببعض الأرمن من ازمير ممن لهم خبرة فى زراعة الخشخاش الأفيون ويستخرج من بذرته زيت الوقود ، وكانت للحكومة وقتها محاولات متكررة لزراعة البن اليمني لكنها فشلت لعدم ملائمة المناخ لزراعته حينها .
أما بالنسبة لزراعة القطن طويل التيلة وهو من الإنجازات الرائعة فظل عصب الاقتصاد المصرى لأكثر من 150سنة واستطاع منافسة قطن البنغال وامريكا وزاد الطلب عليه من مصانع النسيج فى انجلترا وفرنسا .
وتعود حكاية زراعته حين استدعى محمد على باشا مسيو جومل وهو خبير فرنسى لتنظيم مصانع النسيج ، فحتى 1821م كان ما يزرع من القطن صنف ردئ لا يصلح إلا للتنجيد وفى نفس الوقت كان هناك صنف آخر جيد مزروع فى بعض الحدائق المنزلية فأثار إعجاب مسيو جومل فأشار على محمد على تعميم زراعته وبالفعل بدأ في إعداد منظومة الرى المناسبة وتمت الزراعة واشتراه بأسعار مرتفعة لتشجيع الفلاحين على زراعته وخلال سنوات بسيطة انتشر هذا النوع من القطن والمعروف باسم سى ايلاند الامريكى ونجحت مصر فى سنة 1827م فى تصدير 344 ألف قنطار واصبح القطن المصرى ثروة مصر الزراعية ، وبالطبع تواكبت معه صناعات تجهيزىة من حلج وكبس القطن وأخرى بحاصلات أخرى مثل الارز والزيوت والتيلة للصباغة ومصانع العزل والنسيج .
ولأجل الاستمرارية انشئت مدرسة الزراعة سنة 1829م حتى لا يستمر الإعتماد على الخبرات الأجنبية ضمت المدرسة 120 طالبا خصصت لهم مكافآت شهرية واخرى سنوية بدل كسوة مع صرف التغذية من مطبخ الباشا .

زر الذهاب إلى الأعلى