مقالات الرأى

أمينة شفيق تكتب: لقائي مع نقابة الصحفيين

لم يكن الالتحاق بالنقابة سهلا كما لم يكن صعبا. كان يحتاج فقط الى شرط الالتحاق بمؤسسة صحفية. يعني التعيين بمرتب ثابت في المؤسسة. وهو شيء لم يكن سهلا في مجلة الجيل. كان في المجلة اعداد من الصحفيين غير المعينين الذين استمروا يطالبون بالتعين دون ان تستجيب لهم ادارة المؤسسة. لذا كان من الصعب ان استمر في المجلة بعد تخرجي من الجامعة. وكنت قد تزوجت فتوسط لي زوجي للعمل في جريدة المساء اليسارية وتم تعيني. وهناك في الجريدة بدأت أعمل في قسم الاخبار تحت رئاسة الراحل الاستاذ عبد قادر حمزة الذي علمني الكثير. خاصة ان جريدة المساء كانت جريدة مسائية مما كان يستدعي مني القيام مبكرة جدا لأتواجد في الجريدة في السابعة صباحا. ومع كل هذه التطورات كان هدفي الاول والاخير هو الاسراع بالانضمام الى النقابة.
وبالفعل، فور تعيني في الجريدة تقدمت بأوراقي ألى سكرتارية النقابة. ولكن حدث شيء غريب لم يكن يختر على بالي. تلقيت مكالمة تليفونية من احد العاملين في وزارة الداخلية وطلب مني زيارة الوزارة وتحديدا زيارة شخص اسمه سيد ذكي. سألت زوجي فقال لي “لازم تروحي” “بس كوني حذرة في الكلام ولا تتكلمي كثيرا” وبالفعل ذهبت وهناك طرق عسكري باب الغرفة وقادني الى داخلها حيث وجدت شخص يجلس على مكتب وامامه مئات الصور الفوتوغرافية. وسمعته يهمس “فين. . فين” وكأنه يبحث عن احداها. تجاهل وجودي وبعد دقائق انتبه “أو هكذا تصورت” ثم نظر لى قالا “استاذة امينة” اجبته بنعم. قال “انتي متقدمة لعضوية النقابة؟ مش كدة برضه” اجبته بنعم فقال ” انتي متجوزة فلان” فأجته بنعم. فقال “و أنتي زيه يسارية؟” لم اجبه وسكت. عاد وقال “طيب انا موجود هنا لو اي حاجة عايزاها تعاليلي”.
عدت الى المنزل ووجدت زوجي وقلت له “ده كان عايزك انت مش انا” وفي خلال اسبوعين وصلني خبر قبولي في النقابة في جدول تحت التمرين بتوقيع الاستاذ حسين فهمي الذي ” سيسقط الاستعمار” هذا ما قيل في مظاهرة النقابة. وفي عام 1960 تحولت من جدول المشتغلين حيث انا موجودة حتى اليوم.
اردت أن اثبت عضويتي فذهبت الى النقابة وسألت عن النقيب واشاروا الي الى غرفته فدخلت إليه ورايت امامي الاستاذ حسين فهمي “قاهر الاستعمار” طلبت منه سلفة على ان اسددها حسب ما هو متبع في النقابة وفي الحال وقع على الطلب وحصلت على المال الازم لشراء سخان للحمام وبالفعل اشتريته ودفعت الاقساط بإنتظام وبلا تأخير. فاثبت وجودي كعضو فاعل في نقابة الصحفيين له حقوق وعليه التزامات.. كنت سعيدة بالعضوية ولم يكن يغص علي الا تلك الزيارة الى الداخلية وكلام هذا الضابط الذي خلط بيني وبين زوجي. خاصة واني كنت عرفت من زوجي بعد الزواج انه كان من حاملي الأستاذ حسين فهمي ومن “الهتيفة” ورائه.
ولأني كنت اسكن بالقرب من النقابة فكنت امر عليها يوميا وادخل الى حديقتها الصغيرة وأزور شجرة التمرحنة التي كانت غرفة النقيب تطل عليها. فتواجدت يني وبين هذه النقابة علاقة غاية في الخصوصية. بدات احبها بالفعل كمبنى وككيان واسعد عندما تقترب الانتخابات لاتواجد فيها واشارك في انتخاب النقيب والأعضاء. ولكني لا استطيع الاقتراب من الترشيح لأن عضوية المجلس تشترط شروطا اخري غير شروط العضوية النقابية.
وفي إحدى زياراتي للنقابة وجدت احد زملائي القدامى في مجلة الجيل. سألني إنتي بتعملي ايه هنا قلت له “أنا عضوة هنا” قال “تصوري احنا لسه ما اتعينناش”.

زر الذهاب إلى الأعلى