مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: في حُبِّ الراديو، وراديو مصر

عَشِقَ آباؤنا الراديو وتربَّوا عليه، وانتقلتْ هذه المحبةُ إلينا بالوراثة، ثم بالتجربة، فكان كثيرون منا يُذاكرون دروسهم بجوار صوت الراديو خير أنيسٍ وجليس، يتخيلون شكل المذيع أو المذيعة ويَنسجون في خيالهم صورةً ذهنيةً له ولشخصيته، يتعلمون من الراديو ويُضيف إلى تجاربهم الكثير. وإذا كان الراديو عِشقًا للمستمع العادي فما بالكم بمن يعمل أمام الميكروفون شريطةَ أن يعيَ أنه صاحبُ رسالة وأنه مؤثر؟!

أخبرني يومًا الإذاعي القدير الراحل ” طاهر أبو زيد ” (1922م _ 2011م) صاحبُ البرنامج الشهير (جرّبْ حظك) أنه أراد الترشحَ لعضوية أول مجلس أمة (مجلس النواب الآن) بعد ثورة (يوليو 1952م)، وكان ذلك عام (1957م)، وهو المجلس الذي ترأسه “عبد اللطيف البغدادي” (1917م _ 1999م)، وتنافس مرشحوه على (342) مَقعدًا، ولم يُكمِلْ سبعةَ أشهر حتى حُلَّ لإقامة الوَحدة المصرية السورية (22 فبراير 1958م _ 28 سبتمبر 1961م).

كان الإذاعي “طاهر أبو زيد” في ذلك التاريخ (1957م) قد التحق بالإذاعة منذ حوالي سبع سنوات، فذهبَ إلى عُمدة قريتهم بالدقهلية، ليتناقش معه في الأمر، ردَّ العُمدة: (على خيرة الله يا أستاذ طاهر، واحنا هنلاقي أحسن منك)!! سأل الإذاعي العُمدة: (وماذا عن الدِّعاية الانتخابية)؟ ردَّ العُمدة مُتعجِّبًا: (دعاية!! هو حضرتك عاوز دعاية يا أستاذ طاهر، دا أنت صوتك بيطلع في الراديو)!!!

ويدور الزمان ويُكتب لي شرف الالتحاق بالإذاعة المصرية عام 2003م، مذيعًا بإذاعة الأخبار التي تحولت إلى راديو مصر في 25 أبريل 2009م في ذكرى عزيزة على قلوب المصريين جميعًا هي ذكرى تحرير سيناء عام 1982م، ولقد كان هذا التاريخ مقصودًا لبدء بث المحطة الجديدة التي تحمل اسم مصر.
خمسة عشر عامًا مرّت على راديو مصر شهِدَ فيها أحداثًا عديدة جعلت منه كبيرًا في تجربته رغم صغر سِنِّه. لقد أبدع الإذاعي “طارق أبو السعود” مؤسس راديو مصر في خلق هذا التناغم الذي صنع نجاحَ الراديو الوليد، وكان رئيس قطاع الأخبار بماسبيرو “عبد اللطيف المناوي” داعمًا له وبقوة، لكي يرتقي ويتبوأ المكانةَ التي يستحقها كلُّ ما يَحْمِلُ اسمَ مصر، لذا فقد صَمَدَ صمودَ مصرَ أثناء الأحداث والمُلِمات منذ الخامس والعشرين من يناير 2011م وما بعدها، في الميادين مسموع وفي السيارات لا تتغير الموجة عن (88.7 FM)؛ ذلك لأن القائمين عليه يحترمون المستمع، ويُنَوِّعُون بين ما يُقَدَّمُ ليُواكِبَ جميعَ الأذواق.
لا يزال راديو مصر وسيظل _ إن شاء الله _ منارةً إعلاميةً تُشِعُّ معرفةً وفائدةً بفضل جهد أبنائه والقائمين عليه بعد فضل الله.

في العيد الخامس عشر لراديو مصر، تحية تقدير لكل من ساهم في خروج هذا الصرح الإعلامي إلى النور، ولكل من أداره، تحية تقدير لكل زملائي أصحابِ الجهد والرسالة، الذين أهمس في أذني وأذنهم: لا تسمحوا أبدًا بتراجع دوركم مهما حدث، فأنتم رقمٌ في المعادلة الصعبة لا يمكن إغفاله، لا تسمحوا للإحباط واليأس أن ينالَ منكم، فهكذا من يعمل يتعرض دومًا لرياح التغيير، فاثبتوا حتى لا يكونَ التغييرُ إلا للأفضل. أحبك يا راديو مصر، وأحبُّ كلَّ مَن فيك وما فيك.

زر الذهاب إلى الأعلى
اكتب رسالتك هنا
1
تواصل معنا
اهلا بك في بوابة " مصر الآن"