محمود سامح همام يكتب: اقتصاد النيجر ما بعد الانقلاب
بعد مرور ما يقارب سبعة أءشهرعلى حدوث الانقلاب في النيجر، وتولي المجلس الانتقالي العسكري حكم البلاد بتعيين قائد الحرس الرئاسي الجنرال عبدالرحمن تشياني رئيسا للمجلس الانتقالي في البلد، وشهدت نيامي في 22 ديسمبر 2023 احتفالات كبيرة على أثر انسحاب فرنسا بشكل نهائي من الأراضي النيجرية بعد حقبة استعمارية بدات منذ عام 1904.
في البداية يمكننا تناول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في النيجر ما قبل الانقلاب لابراز حجم المفارقات الي تحدث في نيامي الفترة الراهنة من طفرات سريعة متلاحقة في مختلف المجالات، حيث أن دولة بقدر النيجر تتمتع بثروات متنوعة ضخمة ويرجع النصيب الأكبر من حجم صادراتها إلى اليورانيوم، فنيامي تعد رابع أكبر منتج في العالم لليورانيوم، ويسهم بأكثر من 70% من حجم صادراتها، كما أن انتاج النيجر لليورانيوم يمثل 5% من الإنتاج العالمي، ومن المفارقات في النيجر عبر تلك المعطيات أن النيجر الدولة الأفقر والأكثر هشاشة على المستوى العالمي وفق معايير الأمم المتحدة من حيث مستوى المعيشة والدخل والجانب التعليمي.
استكمالا، وبالحديث عن حجم الصادرات النيجرية لليورانيوم والتي تمثل المصابيح التي تضئ الشوارع الفرنسية، فشركة اريفا العملاقة التابعة لفرنسا تحول 35% من احتياجاتها من الطاقة النووية والتي تساهم بدورها في 75% من الطاقة الكهربائية الفرنسية، ومما لاشك أن جميع تلك الثروات المنهوبة التي تقدر
110 الف طن منذ 1971 حتى جلاء الفرنسيين بشكل كامل في نهاية 2023 كان يتم تمريرها بشكل مسالم من جانب الرئيس المخلوع محمد بازوم والذي عرف بأنه ” حليف الاستعمار “، وذلك تبعا لسياساته الخاضعة والتابعة لباريس.
وفي حقيقة الأمر هناك فارق كبير في الوضع الاقتصادي فالنيجر ما بعد نجاح الانقلاب ولعل ابرزها في سعر اليورانيوم حيث كان سعر الكيلوجرام يساوي 0,8 دولار وبعد إيقاف البيع لفرنسا اصبح 200 دولار، فكانت باربس محتكرة كل مصادر اليورانيوم وتبيع الكيلو ب 200 دولار بينما تحصل النيجر صاحبة الشئ على 11 دولار فقط، ولكن مع المؤشرات الدالة والامكانيات المتاحة لنيامي سوف تحتل المرتبة الأولى في افريقيا من حيث النمو في المستقبل القريب، والدليل المرجح لذلك أنه كان من المتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي للنيجر بنسبة 11% في 2023 ويمكنه أن يحقق طفرة تنموية بسرعة أكبر إذا كانت تخلو من النهب والاحتكار الاستعماري.
ختاماً، النيجر تستطيع تغيير خارطة افريقيا بل والعالم من خلال اتباع المجلس الانتقالي لها لسياسات وطنية محكمة من شأنها النهوض بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي والإقليمي للدولة، فيجب عليهم خلق بيئة لنمو اقتصادي مستدام وخاصة أن النيجر ارض خصبة بشكل كبير للنمو المتسارع، وهناك آليات عدة للدفع باقتصاد الدولة كتطوير البنية الاقتصادية وتعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد في جميع المستويات وبالطبع حدوث إجراءات إدارية مع تبسيط الإجراءات البيروقراطية مما يجعلها مكانا جذاباً للاستمثار وتحقيق مرام الدولة، وبالتالي سوف تسطيع توفير بديل للشركات الفرنسية التي كانت تشغل معظم اقتصاد النيجر، وبذلك يمكن سد اكبر صغرة ناتجة عن الحقبة الاستعمارية.