مقالات الرأى

رأفت السويركي يكتب: مُغَامَرَات “مِيْليشْيَات حَاء”… هل يكون خِتَامها مَقْتَل السّنْوَار؟!

من المؤكد أن سيناريوهات الصراع التي تشهدها المنطقة راهناً بقضيتها المركزية لن تُغْلَق صفحاتُها مُبكراً بتحقيق المستهدف الْمَرْجو لأصحاب الحق التاريخي العربي في فلسطين السليبة؛ إذ أن أوراق اللعبة السياسوية التي يجري انتزاعها واختطافها من نظام الدولة الوطنية المسؤولة عن الوجود الجغرافي وحمايته، إلى ما أسْمَيْتُها جماعات “ميليشيات الحَاءِ”؛ وأقصُد بها ” حماس ـ حزب الله ـ حوثي ـ حسن الساعاتي البناء”؛ بكل محركاتها السياسوعقدية التي تتَغَلَّب الإيديولوجيا فيها على جوهر الإسلام الحقيقي؛ لن تصل للمطلوب؛ ولربما تؤدي بحماقَتِها ودوافِعِهَا “الخَوَارِجِيَّةِ” إلى تحقيقِ الحُلْم الصُّهْيونِي بالتَّمدد المُتَمَنَّى من الصَّهَايِنَةِ.
ومع تتابع تساقط رموز “ميليشيات حَاء”؛ العنصر تلو العنصر؛ خلال أسابيع قليلة؛ والذي بدأ بإسماعيل هنية في إيران؛ ثم حسن نصر الله في الجنوب اللبناني؛ وصولا إلى يحيى السنوار في أنفاق غزة المُدمَّرِة بفعل دولة الكيان الغاصب؛ فإن النخبة العربية التي أصفها بـ “النخبة المتعفنة” لا تريد أن تخرج من كَهْف الشِّعَاراتيَّة؛ والمتاجرة بها تشهيراً بالمواقف الرسمية المدروسة لحكومات أوطانها؛ ولا تسعي ـ هذه النخبة ـ للتخلص من شعبوية المشاعر؛ والنزوع للتفكر بهدوء؛ محكومة بإدراك ما يمكن تسميته “فقه الحالة” و”وجوب التكيف وفق الضرورة”.
*****
لقد واصَلتْ هذه النخبة إشعال الفضاء الافتراضوي عقب إشهار خبر مقتل السنوار بالصراخ واللطم؛ وإشاعة أجواء التهييج للجماهير طعناً في أنظمة الدولة العربية المحكومة باستراتيجيات قانونية تدرك فنونَها الأجهزةُ السيادية؛ وتديرها فرقُها بكل تخصصاتها. فالنخبة المتعفنة العقول؛ لا تريد أن تدرك منذ بدء الأزمة الراهنة مخاطر توريط وانجرار المؤسسات الرسمية في رد فعل للمغامرات الميليشياوية ( ما يُسمى طوفان الأقصى ـ 7 اكتوبر 2024م أنموذجاً).
إن هذه النخبة تتناسى ما ذكرتُه سابقاً عن :(أن هذه الميليشيات بأفعالها المتمسحة كذباً في الجهاد السياسوي؛ تستهدف تعميق فعل الإِبْدَال لكوادر العنف بَدِيْلاً عن جُيُوْشِ بِلَادِهَا؛ وَسُلْطَاتِهَا النَّاظِمَة لِلِاسْتِرَاتِيجِيَّاتِ وَفِقْهِ الضَّرُوْرَاتِ الْوَاجِبَةِ… إذ أنها ـ تلك الميليشيات ـ تَشَكَّلَتْ فِي الْأَسَاسِ لِغَاْيَةِ إِحْلَالِ “أَنْظِمَةِ جيْتُوَاتهَا العَقَدِيَّة” وريثاً للدَّوْلَةِ الْوَطَنِيَّةِ الْجَامِعَةِ بَعْدَ تَفْتِيْتِهَا؛ تطبيقاً لِمَسْلَكِيَّة وَنَهْجِ “جَمَاعَة حَسَن السَّاعَاتِي” السَّرَطَانِيِّة المُضَادَةِ لِنَمَط الدّوْلة الْوَطَنِيّة).
*****
وبعد التدمير الوحشي المتواصل لغزة، وقصف الجنوب اللبناني، وموت اسماعيل هنية وحسن نصر الله ويحيي السنوار:
** هَلْ حَرَّرَتْ الْمِيْلِيشْيات بمُغَامَراتها مُنْذ انْفِصَالُها عَن النِّظَامِ الْوَطَنِيِّ الرَّسْمِيِّ مِتْرَاً وَاحِدَاً مِن الأَرْضِ السَّلِيْبَةِ؟
** هَل نَجَحَتْ تِلْك المُغَامَرات الْقَدِيْمَة وَالْمُتَهَالِكَة فِي إِعَاقَةِ الكِيَانِ الصهيوني المُخْتَلَقِ عَن تَنْفِيْذِ مُسْتَهْدَفِهِ؟
** أَمْ أَنّ ذلك الكيان بِالتَّفُوْقِ الْعَتَادِي اسْتِعْمَارِيَّاً مع مَحْدوْدِيَّة العَدِيْدِ لَديه يَسْتَخْدِمُ أنْمَاطَ التَّطْويعِ الْمُتَطوِّرة، مِثْل تَفْعِيْل الْقَتْل والتَّدْمِيْر بِالطَّائِرَات والصَّوَاريْخِ وَالْمُسَيَّراتِ وَإِدَامَة مُعَانَاةِ الْمَدَنِيِّين الْمَرْفُوْضَة؟
** وهل يمكن تناسي أن الكيان المغتصب قَامَ بِتَوْظِيْف مُغَامَرات المِيْليشْيِات الْمُنْفَلِتَةِ فُرْصَةٌ مُنْتَهَزَةً وَهَدِيَّةً وَمُبَرِّرَاً لِتَطْبِيْقِ ُمَخَطَّطَاتِ الْهَيْمَنَةِ الْعَمَلِيَاتِيَةِ؛ وَفَرْضَ الأَمْرِ الْوَاقِعِ بِتَكْرِيْسِ الْمَزِيدِ من جَرَائِمِ التَّهْجِيْرِ وَإِخْلَاءِ الْأَرْضِ مِن سُكَّانِهَا الأَصْلِيِّين؛ وَالسَّعْي لِتَوْطِيْنِهم فِي أَرْضٍ بَدِيْلَةٍ ( سِيْنَاءُ أُنْمُوْذَجَاً)!
*****
إنَّ “نُخبَةِ التّفَاهَةِ الْمُتَعَفِّنَة” تَتَجَاهَل ثَابِتَ أَنَّ الْجُيُوْشَ كَمُؤَسَّسَاتٍ وَطَنِيَّة مُؤَهْلَة لِخَوْضِ الصِّرَاعَاتِ؛ وَالْعَمَل عَلى تَحْقِيْقِ الْمُسْتَهْدَفِ وَالْمَرْجُو بِقُدْرَاتِهَا وَعَتَادِهَا وَعَدِيْدِهَا؛ وَشُمُوْلِيَّة أَدَوَاتِهَا وَخُبْرَاتِهَا وَعُلُوْمِهَا الْمُتَخَصِّصَة فِي فُنوْنِ الْمُوَاجَهَاتِ وَالْحُرُوْبِ (إنْتِصَار 6 أكْتُوبَر أَنْمُوُذَجًاً).
والسُّؤْالُ لِهَؤلَاء: كَيْفَ يَتِمُ جَرّ مُؤَسَّسَات الْجُيُوْشِ الْعَرَبِيَّة لِتَكُوْنَ تَابِعَةً لمُغَامَرَاتِ مِيْلِيشْيَات خَارِجَة عَن الْقَانُوْنِ الْوَطَنِي؛ وَقَدْ قَامَتْ بِمَا قَامَتْ بِهِ مُنْفَرِدَةً؛ أو بإيْعَازٍ مِمَن يُحَرِّكُها وَيُمَوِّلَهَا (إيْرَانُ أُنْمُوْذَجَاً)؛ وَعَلى الْأَقَل ـ مَا قَامَتْ بِهِ ـ كَانَ مِن دُوْنِ اسْتِشَارَةْ هَذِهِ الْجُيُوْشِ وَإعْلَامِهَا بِذَلِكَ لِلاسْتِئْنَاسِ بِرَأْيِهَا وَرُؤاهَا.
*****
إن نتائج اغتيال اسماعيل هنية ثم حسن نصر الله وبعده يحيى السنوار لم تحقق تقدماً في طريق حل المشكلة ولن تحقق ذلك؛ لأن الكيان المغتصب يستفيد كثيراً من هذه المغامرات الميليشياتية؛ بل ويتمنى المزيد منها لتكون مبرراً لمزيد من التوحش الدموي؛ بما يُضعف من الأوراق التفاوضية لأصحاب الأرض؛ إذا كان هناك جلوس لترسيم الخريطة كمشروع يسعى النظام العالمي الأممي الراهن لتطبيقه حلاً للمشكلة.
فهل تتوقف النخبة المتعفنة عن مشروع لطمياتها الدالة على تهافتها السياسوي؛ وتساهم بخطابها في تطبيق دورها التوعوي بالمشكلة وخطوطها بدل استغراقها في تعميم خطاب شعبوي فاشل؛ وعليها التساؤل الواعي: مُغَامَرَات “مِيْليشْيَات حَاء”… هل يكون خِتَامها مَقْتَل السِّنْوَار؟!

زر الذهاب إلى الأعلى