مقالات الرأى

حسن الشايب يكتب: باي باي ضغط الدم!!

0:00

قبل أكثر من عام تقريبًا ، أصبحت رسميًا وبقرار الطبيب المعالج عضوا بنادي مرضى ضغط الدم المرتفع، لكن وبعد شهر من تناول العلاج قررت وبكامل إرادتي التوقف عن تناول حبة الضغط.. فما هي الحكاية؟!
وقبل أن يتهمني البعض بالتسرع والجنون، أؤكد لكم إنني مريض مطيع، أسمع كلام الأطباء وأطبق نصائحهم وتعليماتهم حرفيا، ذلك لاعتقادي الراسخ بأنه مهما كان الطبيب بارعا وتشخيصه سليما وعلاجه ناجعا، فلن يتحقق الشفاء دون التزام المريض بتعليمات الطبيب ومواعيد تناول الدواء.
ما حدث إنني مررت بفترة لم يكن فيها ضغط الدم عندي في أحسن أحواله، ومع تكرار ارتفاعه قرر الطبيب إنني أصبحت فعليا مريضا بارتفاع ضغط الدم، وبدأت تناول حبة الدواء اليومية، حيث فوجئت بحدوث انخفاض مستمر في ضغط الدم لدرجة إصابتي بالدوار الشديد، والذي لم يتغير حتى بعد تقليل حجم الجرعة إلى أكثر من نصف قوتها ، واستمريت على هذا الحال لمدة شهر، ثم حدثتني نفسي فجأة بأنه إذا كنت حقا مريضا بارتفاع ضغط الدم فلماذا يحدث العكس وينخفض ضغطي بتناول أقل جرعة من الدواء؟!
وذات يوم، قررت عمل اختبار صغير لنفسي وهو تجاهل تناول حبة الضغط في موعدها، ومتابعة القياسات للاطمئنان، وصاحب ذلك تغيير جذري في نمط حياتي اليومية، حيث اتجهت لممارسة رياضة المشي يوميا واتباع نظام غذائي صحي، فلا أملاح ولا سكريات ولا دهون، لا وجبات غذائية خارجية ولا مشروبات غازية، لا أرز ولا خبز أو أية معجنات .. كانت فترة صعبة في بدايتها لكن مع مرور الوقت وحصد نتائجها المتمثلة في تخفيف الوزن واستقرار ضغط الدم عند المستويات الطبيعية لمن هم في مثل سني، أصبحت عادة مقبولة بل ومحببة إلى النفس. خاصة بعد مراجعة طبيب وتأييده لي بأن ارتفاع الضغط الذي أصبت به لم يكن مزمنا بل كان مرضا عارضا نتيجة الضغوطات والتوترات والغذاء غير الصحي.
نعم .. مرض الضغط هو القاتل الصامت الذي يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وأمراض الكلى، ورغم سهولة تشخيصه وعلاجه بأدوية منخفضة التكلفة، إلا إن نصف المصابين للأسف لا يعرفون شيئاً عن حالتهم وهو ما يعني عدم حصولهم على علاج.
وقد أشارت دراسة لمنظمة الصحة العالمية إلى إن عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 30 عاماً والذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم قد تضاعف من 648 مليوناً في عام 1990 إلى ما يقرب من 1.3 مليار بحلول عام 2019. وقد لوحظ أن حوالي نصف هؤلاء الأشخاص لم يكن لديهم أي علم بإصابتهم بارتفاع ضغط الدم.

للأسف، ليس ارتفاع ضغط الدم وحده الذي يهمل في اكتشافه وعلاجه ملايين الناس، بل هناك العديد من الأمراض التي تصيب أجسادنا ولا نعلم بها أو نشعر بآثارها الفتاكة إلا بعد فوات الأوان ، لسبب بسيط وهو إننا لا نعترف بثقافة المراجعة الطبية الدورية للاطمئنان على صحتنا من خلال التحاليل والفحوصات، وإنما نفكر في الذهاب إلى المستشفى أو العيادة الطبية فقط عندما نشعر بالمرض فقط ، وهذا خطأ كبير قد يكلف الواحد منا حياته.

زر الذهاب إلى الأعلى