مقالات الرأى

حازم عبده يكتب : رمضان في الفاتيكان (2)

دخلت إلى ساحة سان بترو أتصبب عرقاً وسط حشود رهيبة، فقالت لي مرافقتى الشابة الإيطالية ماريا لوديفيجا والتي تعمل حالياً دبلوماسية بسفارة بلادها في العاصمة الموريتانية نواكشوط، بعد أن أنهت دراستها في العلوم السياسية والعلاقات الدولية: يبدو أن الدخول إلى كنيسة سان بيترو بات مستحيلاً بسبب هذه الجموع الغفيرة التى اصطفت تحت لهيب شمس أغسطس، انتظارا لعبور الحاجز الأمنى المؤدي للبازيليكا، فالأمر يحتاج لأكثر من ساعة وأنت صائم. قلت لها: سندخل على الطريقة المصرية.قالت: وما هى؟ قلت: فقط عليك أن تتبعينى. بالفعل نجحت الطريقة المصرية ولم نستغرق سوى عشر دقائق حتى اجتزنا الحاجز، وعبرنا بوابة التفتيش الإلكترونية إلى مدخل الكنيسة .
قبة كنيسة القديس بطرس المعروفة باسم “كوبولا” كانت غايتى.. أصررت على صعودها عبر الدرج المقسم مجموعة من المراحل المائلة والعمودية والحلزونية المتسعة فى بدايتها حتى تضيق فى مراحلها النهائية بحيث لا تتسع لأكثر من شخص واحد ويبلغ عدد درجاتها 551 درجة.. تحفة معمارية وفنية رائعة، تحتاج لأيام وأسابيع لسبر أغوار جمالها، أما قمة القبة من الخارج فتشعرك أنك تمتطي منطاداً يحلق بك فوق مدينة روما، أحيائها ومبانيها و نهر التيبر الذي يشقها، بانوراما تتجاوز بناظريك حدود دولة مدينة الفاتيكان الصغيرة، بروعة حدائقها، إلى أطراف روما، لتتأمل ذلك الجمال من حولك ومن تحتك.
بعد هذه الجولة شبه الفضائية نزلت إلى جولة فى داخل الكنيسة، أو الكاتدرائية، أو البازليكا تحت هذه القبة حيث تضم 44 مذبحًا و395 تمثالاً، إلى جانب عدد من الأضرحة والأيقونات الأخرى، وقد ألحق بها متحف خاص للآواني المقدسة والثياب الكهنوتية.
بحسب الروايات المتواترة.. فى هذا المكان صلب(سان بيترو) سمعان بن يونا الملقب بسمعان بطرس، المولود فى بيت صيدا بمنطقة الجليل، أحد تلاميذ السيد المسيح الإثنى عشر، لقبه السيد المسيح بهذا اللقب “بطرس” أى الصخرة كما ورد فى الكتاب المقدس، على الرغم من أنه أنكر المسيح مرات ثلاث إلا أن السيد المسيح اعتبره الصخرة التى تبنى عليها كنيسته .
أمر الإمبراطور نيرون- حارق روما- بصلب القديس بطرس بعدما أسقط بطرس الساحر سيمون الذي كان مقرباً من نيرون فى عام 67 للميلاد، وإن اختلفت الروايات حول تاريخ الصلب، فالبعض يذكر أنه تم عام 64 للميلاد.
سألت مرافقتى- لوديفيجا- ابنة مدينة كورى التي تبعد 50 كيلومترا فقط عن روما، كم مرة زرت الفاتيكان وكنيسة سان بيترو؟ فأجابت إنها المرة الأولى، فقلت لها هل ستكون الأخيرة ؟ قالت ربما، قلت: حسنا زيارة واحدة تكفى للمسلم والكاثوليكى!!
وللحديث بقية

زر الذهاب إلى الأعلى
اكتب رسالتك هنا
1
تواصل معنا
اهلا بك في بوابة " مصر الآن"