مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب : المجلس الأعلى للشحاذين مترو الأنفاق سابقًا!!

0:00

أعترف أنني لا أتعاطف ولو للحظة مع أي شحاذ أو متسول؛ فجميعهم بالنسبة لي كذابون أفاقون متاجرون لا يستحقون، ربما كان البائعون المتجولون _ باستثناء بائعي الشيكولاتة والمناديل _ يَحْظَوْنَ عندي ببعض التقدير بالقياس إلى هؤلاء الشحاذين، رغم أن معظمَ بضاعتهم (بير سلم) لا ترقى لمستوى البضاعة السليمة أو المضمونة بأي صورة!! هؤلاء الشحاذون أو المتسولون تكتشف في جيوبهم _ عند القبض عليهم _ حصيلةً يوميةً تفوق ما يحصل عليه المديرُ العام في أي مصلحةٍ حكومية، ولن أحدد في اليوم أو الأسبوع أو الشهر؛ فالشحاذون والمتسولون درجات!! أما مديرو العموم في الحكومة فدرجة واحدة!! وعند الوفاة تكتشف أن الشحاذ ترك أموالًا وأملاكًا، وإذا كان يعيش مع أُسرةٍ، فقد خسِرت هذه الأسرة بوفاته عِزبةً كاملة!!؛ فوجودُه ساهمَ في شراء أراضٍ وعقارات وفي أكلِ ما لذّ وطاب !!

مقرُّ المجلس الأعلى للشحاذين هو مترو الأنفاق ما عدا الخط الثالث _ حتى الآن _، المترو تم افتتاحُه رسميًّا في 27 سبتمبر 1987م، ووقتَها كان علامةً على الرُّقِيّ ومِثالًا للالتزام في كل شيء، وبعد عدةِ أعوام ليست بالقليلة تحوَّلَ إلى (سوقٍ كبيرة)، ثم أصبح (مولد وصاحبه غايب)، ثم اتفق الشحاذون على أن يكونَ هو المقرَّ الرئيسيَّ للمجلس الأعلى الخاص بهم!!

الخط الأول للمترو تبلغ عددُ محطاته (35 محطة) بطول (44 كم)، أما الخط الثاني فمحطاته عشرون وطوله (21.6 كم)، وعدد الشحاذين يتناسب طرديًّا مع عدد المحطات وطُول الخط!! وإذا كنتَ من مرتادي مترو الأنفاق فستلاحظ التنوعَ في أساليب الشحاذة، مع التمثيل الذي يصل إلى حدِّ الإتقان عند حديثي العهد بركوب المترو، والذي يراه المُحنكون المعتادون أمرًا فجًّا مُتصنَّعًا، فهذه تبحث عن كيس دم لابنها، وتلك سيموت ابنُها أو زوجها الذي يغسل الكُلى إن لم نجمع له ثمن الجلسة، وثالثة تركت ابنها في المستشفى في الزقازيق، والنماذج التي تقول: (أنا بَرَبِّي أيتام يا ولادي)، (أنا بَطلُب من إخواتي)، (إلهي ما يِرمِيكم في ضيقة)، (إلهي ما يِذِلكُم ولا تشوفوا مرض في جِتِّتْكُم)!! أما شحاذة يوم الجمعة قبل الصلاة فتتسم بالرُّوحانية والجُرعة الإيمانية، ولعلَّ مجتمعَ الشحاذين إن علِمَ بموضوع الخطبة الذي حددتُه وزارة الأوقاف، لأهَّلَ شحاذي الجمعة للقيام بإلقائها على الناس في المترو!!

الشحاذون والمتسولون أكثرهم من النساء، ربما يرجع ذلك لكون معظمهم من فئة (الهنجرانية)، إذ العنصر النسائي في عالمِهم هو الذراعُ الطُّولى في العمل، ولكي يستطيعَ ذَكَرٌ الزواجَ من إحداهن فهو يدفعُ مهرًا كبيرًا للغاية ربما يصل إلى مليون جنيه أو أكثر، لكنه في النهاية يجلس في المنزل (يِتْسَتِّتْ ويشوف مزاجه وخلاص) والمرأة هي التي تخرج للعمل من الصباح حتى المساء، وحسب التحقيقات التي أُجريت مع من قُبض عليهن، فبعضهن يتحصلن على (7 آلاف) و (10 آلاف) جنيه يوميًّا !! لذلك فعالَمُ (الهنجرانية) يحتفي بميلاد البنات، على عكس كثيرٍ من عوالِمِنا؛ فهن من يتولَّيْنَ كَسْبَ المال والإنفاقَ على الأُسرة، من باب التسول أو السرقة وكلها مِهَنٌ لها أصولٌ وقواعدُ عندهم!!

عزيزي القارئ: لا تُمَنِّي نفسَك بالزواج من إحداهن _ إن كان معك مَهْرُها _؛ فالأولويةُ للأقارب، ولكن عسى أن يَلبَسْنَ أساور الشرطة وتُفيق هيئة المترو لنشاطِهن قبل أن يمتدَّ إلى الخط الثالث !!

زر الذهاب إلى الأعلى
اكتب رسالتك هنا
1
تواصل معنا
اهلا بك في بوابة " مصر الآن"