مختار محمود: وهل تحتاج مصر إلى أدونيس؟!
نقل أحدُهم عن الشاعر السوري “أدونيس” مؤخرًا رغبته في زيارة مصر قبل الرحيل. ولأنَّ الشعراء يتبعُهم الغاوون؛ لأنهم في كل وادٍ يهيمون..احتفى بعضُهم بالشاعر الصاخب، فيما احتجَّ آخرون وتساءلوا عن مدى تأثير الشاعر المذكور في الشعر العربي، وتحدثوا عن موقفه المتخاذل من شعبه بشكل خاص، ثم من أمته العربية بشكل عام، ونوَّهوا إلى سرقاته الأدبية المُوَّثقة، وعدَّدوا مثالبه التي لا تُعد ولا تُحصى!
اللافت حقًا..أن هناك فريقًا لا يزال مفتونًا بالشاعر السوري أحمد سعيد إسبر المعروف بـ”أدونيس”؛ حتى أن اتحاد كُتاب مصر –بجلالة قدره- رشحه العام الماضي للحصول على جائزة النيل للمبدعين العرب، وهي جائزة رفيعة ماديًا وأدبيًا، هو دونَها على كل حال، ويناضل هذا الفريق كل عام؛ من أجل الزج باسم الشاعر المذكور ضمن المرشحين لجائزة نوبل في الآداب، وخلال نصف قرن من الزمان لم يتوقفوا عن البكاء واللطم يوم إعلان اسم الفائز؛ لأنه لم يكن معبودهم “أدونيس”!
ولمَن لا يعلم كينونة “أدونيس” الحقيقية، فإنه قد يجد ضالته المنشودة في مواضع شتى، من بينها: كتاب «أدونيس مُنتحلاً» الصادر قبل أكثر من ثلاثين عامًا بتوقيع المغربي «كاظم جهاد». الكتاب يصف الشاعر -الذي يقترب رويدًا من عامه المائة- بأوصاف مؤلمة من قبيل: الإغارة والسطو والسرقة والانتحال، مع تعزيز مواقفه بشواهدَ ومقارناتٍ من أشعار القدماء والمحدثين، أبرزهم: الشاعر الفرنسي سان جون بيرس الحاضر صوته فى النص “الأدونيسي” بصورة واضحة!
هذا الرأي الصادم في التراث “الأدونيسي” يتفق مع آراء مجموعة كبيرة من النقاد الآخرين الذين يرون الشاعر السوري فاقدًا لصوت شعري مميز، ويعتبرون شعره مُفككًا مُغرقًا فى النرجسية، مُعليًا من تضخم الأنا، مفتقدًا للشعرية، منفصلاً عن تربته وجذوره وثقافته العربية، وأنه مجرد “فقاعة” استهوت كثيرين وأغوتهم، وأضلتهم السبيل!
فى كتابه: «شرائع إبليس فى شعر أدونيس» الصادر عن مكتبة «مدبولي للنشر»، دعا مؤلفُه الدكتور «صالح عضيمة» الشاعرَ المثير للجدل إلى مناظرة مُتلفزة، ووجَّه كلامه إليه قائلاً: «لأبيّنَ لك أمام الناس، كل الناس، أنك شاعرٌ مُحتالٌ ماكرٌ، وأن أكثر شعرك مسروقٌ ملطوش، وأن كتابك «الثابت والمتحول» هو من صُنع مُعلمك ومُرشدك «بولس نويا»، وليس لك فيه ضربة قلم، ولأبيِّنَ لك أشياء أخرى مهولة، تكاد لهَولها تُخرجُ الإنسانَ من نفسه، وليس من جلبابه فقط”!
هذا الكتاب يقع فى سبعة فصول، أولها بعنوان: «الكلمة الحرة»، وفيه يتهم مؤلفُه «أدونيس» بأنه «يلهث وراء الجوائز، وأنه كاذبٌ فى كثير من مواقفه، وأنه يرجمُ الرسولَ الكريمَ -صلى الله عليه وسلم- بالهمز واللمز بألوان مختلفة من الإشارات والإيماءات بهيِّن القول ورخيص الكلام، لسبب أو لآخر فى المجالس المختلفة»، وهو الأمرُ الذى يتكسَّب من ورائه أشباه “أدونيس” وأقرانه، وهم فى ذلك مُخلصون لهذه الرسالة أشدَّ الإخلاص، وهم الذين يزجُّون باسمه كل عام في ترشيحات “نوبل”، وعندما لا يأتي الأمر على هواهم، يتصايحون فيما بينهم صيحة رجل واحد: “وما حاجة أدونيس إلى نوبل..نوبل هي التي تتشرف به”؟ منطق شيطاني رخيص، يتقنه الفريق الأدونيسي أيَّما إتقان!!
في الفصل الثاني المُعنون بـ«بحث في الذات والهوية»، يصف المؤلفُ الشاعرَ «أدونيس» بأنه «قرينُ إبليس وسَميرُه، ويستنجدُه حين تأبى عليه القريحة»، مشيرًا إلى أن «أدونيس يقرعُ الأسماع بأنَّ إبليس هو المُعلم الأول للحرية والقائد الأول للتحرر، وهو الثابت الذى لا يتحول، والمتحول الذى يهزُّ كل ثابت»، حتى يصل إلى قوله فى موضع آخر: «أدونيس لا يستطيع إلا أن يكون وليًا لإبليس وظلاً وتابعًا له.. ويعتبره مُخلِّصًا من العبودية وقائدًا للحرية، وسببًا من أسباب الديمقراطية».
وفي الفصل الثالث المُعنون بـ«سرقة أخرى وحكاية الثابت والمتحول».. يشير فيه «عضيمة» إلى كتاب غير مشهور يفضح سرقات “أدونيس”، فيقول: «الشاهد الأكبر على سرقات أدونيس هو كتابه «الثابت والمتحول»، الذى سرقه من «بولس نويا»! ينقل لنا «عضيمة» حديثًا له مع «بولس» يعتبره دليلاً ناصعًا على سرقة «أدونيس» للكتاب منه، مُعتبرًا أن المقدمة التى كتبها «بولس» لكتابه لا تختلف فى أسلوبها ولا فى معالجتها للبحث عن أسلوب «أدونيس»!!
في الفصل الخامس: «بحث في الاتهام والإثبات»، يعرض المؤلف لكتاب الباحثة البريطانية «فرانسيس ستونر سوندرز» التى تروي فيه دور المخابرات الأمريكية والبريطانية في تمويل الأنشطة الثقافية وتحريكها فى أنحاء العالم، وأن مجلة «الشعر» إحدى ثمار هذا التوجه المشبوه، و«أدونيس» أحد جنودها الكبار الذين رافقوها منذ اللحظة الأولى، وهو الدور الذي ورثه مثقفون مصريون وعرب ولا يزالون ولا يخجلون، وبدا دورهم غير الأخلاقي وغير الشريف إبان الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان مؤخرًا كاشفًا وواضح المعالم والملامح.
أمَّا الفصل الأخير، وبعد أن يُثبت تهمة السرقة والانتحال على «أدونيس» من خلال وثيقة «الفيزياء تُعلِّم الشعر»، يقول «عضيمة» بنبرة واثقة: «هذه الوثيقة ليست وحدَها التى تؤكد أنه سارقٌ مُتمرِّسٌ فظّ لا يستحي، فحياته كلها، من أولها إلى آخرها، سرقة كئيبة فظَّة، ومَن سرق مقالة يسرق كتبًا، ويسرق بيوتًا ويسرق جيوبًا وحقائبَ.. لكم أودُّ أن يعرف كيف يخجل وكيف يستحي وكيف ينطمر»!
لـ”أدونيس” مقولة معروفة تعكس جانبًا واضحًا وكاشفًا فى شخصيته، حيث يقول: «لستُ متشائمًا، أنا ثائر على كل شىء، والمتشائم لا يكون ثائرًا، بل يكون منهزمًا، وأنا القائل: «يرقُّ لى تمردى فأشتهي تمردًا حتى على التمرد». وأخيرًا..فإن هذا مجرد غيض من فيض من سيرة “أدونيس” الذي يتوق شعراء ومثقفون مصريون إلى أن يزور مصر، وأن تتم استضافته في جامعة القاهرة ومكتبة الأسكندرية، فضلاً عن 100 ألف يورو أخرى، سوف يحصل عليها؛ نظير الزيارة..فهل تحتاج مصر –الآن أو في أي وقت مضي أو مقبل- إلى “أدونيس” وأشباهه وأشياعه ومريديه وتلاميذه في شيء؟!