محمود ثروت يكتب : العالم أكبر من خمسة
مفهوم العالم أكبر من خمسة كما ذكرنا أنه حديث نسبيا ولهذه الحداثة لا نتوقع بأن هذا المفهوم واضح ومفهوم للجميع , والتعريف المباشر لهذا المصطلح هو أن العالم أكبر من أن تكون خمسة دول فقط في مجلس الأمن لديهم حق الفيتو وهوحق الأعتراض علي ما لا يناسب وما لايخدم مصالح هذه الدول الضيقة , حيث أن بوجود خمسة دول فقط الذين لديهم هذا الحق , يٌظهر لنا كم الخلل داخل مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة عامة لأنها مازالت تعتمد علي موازيين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية وعلي الرغم من مرور أكثر من 75 عام علي إنتهائها ولكن مازال التقسيم حتي الأن ساري , ومن هنا جاءت فكرة أن العالم لم يعد كما كان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وأن هناك دول وفاعلين وقارات بأكملها ليس لها الحق في هذه الأمتيازات داخل مجلس الأمن وهذا يدل علي مدي رغبة الكثير من الدول إن لم يكن مٌعظم العالم في تغيير هذا النظام الذي عفا عليه الزمن .
ومن خلال هذا المفهوم كان يسعي الرئيس التركي لتوضيح أن خلاص العالم وسعادته يكمنان في تطبيق العدالة . في عالم يُصبح فيه المُحق قويا وليس القوي مُحق . حيث يستكر قرارات دول مجلس الأمن الدائمين العضوية التي تشوبها ازدواجية المعايير .
وأيضا يُناقش هذا المفهوم فكرة التعددية التي يمكنها أن تحل معظم المشكلات وتنتج حلول مناسبة وفعالة للوقت الراهن وأن فكرة إعتمادية العالم علي مجموعة صغيرة من الدول تتحكم بقراراته أصبحت فكرة فاشلة ولا جدوي منها خصوصا وأن هذه الفكرة أثبتت عدم صلاحيتها في العديد من المشاكل الدولية والصراعات مثل حرب العراق وافغانستان وحرب فيتنام والحرب المندلعة في سوريا واليمن في الوقت الراهن وغيرها الكثير من المشكلات التي أثبتت أن الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن يبحثون فقط عن مصالحهم الضيقة دون السعي لحلول جدية لهذه الصعاب التي يواجهها النظام الدولي الحالي , ومن هذه النقطة سعي هذا المفهموم للتأكيد علي مدي حاجة العالم في الوقت الراهن لتعديل النظام الدولي الراهن الذي أثبت فشله وأن الزمن قد عفا عليه . حيث لا يمكن ترك مصير البشرية لتقدير عدد محدد من الدول , ومن هنا أنطلق هذا المفهوم ليقول بمدي ضرورية تعديل هيكل مجلس الأمن ليضم العديد من الدول التي تمثل قارات وثقافات مختلفة حتي يتم تحقيق العدالة .
وقد أشار هذا المفهوم إلي نقطة في غاية الأهمية وهي مُقترح بألغاء حق الفيتو وأن القرارت داخل مجلس الأمن تقوم علي الأغلبية حتي يتحقق مبدأ المساواة والعدل وأن تُعبر هذه القرارت عن الرغبة الفعلية لمعظم الدول وليس لعدد قليل منها وخصوصا أن قرارت مجلس الأمن مُلزمة وأن مجلس الأمن لديه الصلاحية في إستخدام القوة العسكرية وهذه نقطة محورية حتي لا تُصنف الدول بأن قرارات مجلس الأمن مُسيسة وأنها تتبع لمصالح ورؤية عدد قليل من الدول ومن هذا المُنطلق يحدُث العدل والمساواة بين الدول .
أسئلة مُحيرة :
هل من الطبيعي أن تكون قارة مثل أسيا حيث يبلُغ عدد سكانها حوالي 4,5 مليار نسمة ويمثلها دولة فقط في مجلس الأمن
وهل من الطبيعي أن تكون قارة مثل أفريقيا يبلُغ عدد سكانها 1,3 مليار نسمة ولا يتم تمثيلها في مجلس الأمن ؟
وهل من الطبيعي أن تكون أمة مكونة من 2 مليار نسمة وهي الأمة الإسلامية ولا يتم تمثيلها في مجلس الأمن ؟
مُحاولة للإجابة :
من هذا المُنطلق ظهرت العديد من الدول التي قد نادت بمحاولة لتغير هيكل مجلس الأمن لكي يُمثل الوضع العالمي الراهن . حيث لقيت دعوة الرئيس التركي صدي واسع علي المستوي العالمي وقد أبدت دول عالمية كبري دعمها لهذا المقترح مثل الهند والمانيا واليابان وأيضا لقت ترحيب من دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي روسيا الأتحادية علي لسان وزير خارجيتها سيرجي لافروف , وهنا دعونا نقول بأنه يوجد ملامح لحدوث موافقة دولية لتعديل مجلس الأمن ولكن حتي الأن تظل مُجرد إحتمالات
عدم العدالة في التمثيل العالمي كما ذكرنا سابقا نقلنا إلي نقطة أخري وهي أن سمة إتجاه أخري يري بأن الحل الأمثل لهذه المُعضلة الدولية هو تغيير المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة وأجهزتها بمنظمات جديدة أخري كما حدث بعد الحرب العالمية الثانية حيث إنهارت عصبة الأمم وتأسس مكانها منظمة الأمم المتحدة , وهذا الرأي علي الرغم من صعوبت تحققه في الوقت الراهن لأن تغير هيكل النظام الدولي لا يتم في أغلب الأحيان إلا بحدوث حرب عالمية شاملة والتااريخ خير شاهد علي ذلك , ولكن لا يزال هذا الأتجاه له صدد واسع علي المستوي الدولي في الوقت الراهن .
رؤية مُستقبلية :
يري الباحث بانه ثمة ثلاث مسارات لهذا المصطلح :
المسار أو الأتجاه الأول : هو عدم إنصات الدول الكبري لهذه المطالب لأنها ببقاء مجلس الأمن كما هو يحقق أهدافها ومصالحها الضيقة , ويري الباحث بأن تكاليف هذا التعنت والرفض سوف تكون كبيرة علي وحدة النظام الدولي وربما نري إنشقاق في صف هيكل النظام الدولي الحالي بسبب هذه المعضلة .
المسار الثاني : هو إستجابة محدودة للدول الكبري وتعديل مجلس الأمن ليضم أعضاء دائمين جدد مثل الهند والمانيا واليابان وربما بعض الدول الأخري مثل تركيا وجنوب أفريقيا , وهذا الرد سوف يكون بمثابة إمتصاص لموجة الغضب الدولي تجاه الوضع القائم , ويري الباحث بأنه لو تحققت هذه الأستجابة سوف تكون خطوة ذكية من الدول الكبري للحفاظ علب هيقل النظام الدولي القائم والذي يخدم مصالحها بالأساس .
المسار الثالث : هو حدوث تغيير بشكل كُلي في هيكل النظام الدولي وأن هذا التغيير يشمل إنهاء مهام الأمم المتحدة وتشكيل مُنظمة أخري جديدة , ويري الباحث بالرُغم من صعوبة حدوث هذا السيناريو ولكن ربما يحدث شئ كبير يُغير مجري النظام الدولي وإقامة نظام أخر بديل عنه .
ختاما :
في نهاية هذه الورقة دعونا نتطرق إلي نقطة محورية وهي أن العالم في الوقت الراهن يمُربمرحلة تجديد دماء أو إعادة تأسيس , وأن النظام الدولي يتجه إلي نظام مُتعدد الأقطاب سواء شائت أم لم تشأ الولايات المتحدة الأمريكية وأن مواجهة هذه الحقيقة سوف يضعها في مأزق كبير وربما إلي إنهيار , فيري الباحث بأنه يجب علي الولايات المتحدة الأمريكية أن تتقبل هذه الحقيقة وتتصرف علي هذا الأتجاه , وأن تسعي إلي محاولة إعادة تشكيل النظام الدولي القادم بالأتفاق مع الدول الكبري الأخري . كما ظهر هذا المفهوم علي لسان الرئيس التركي في وقت حيث نسبيا ولكنه سوف يفتح الباب لمذيد من مثل هذه الأفكار من قادة الدول الكبري للتكلم والتصريح بمثل هذه المصطلحات التي تراها علي الجانب الأخري الدول المستفيدة من الوضع الدولي الراهن تهديد لهذا النظام وأسسه . ومن هذا الأساس يري الباحث بأن هناك شرخ داخل هيكل النظام الدولي الحالي , وأن هذا الخلل سوف يؤدي في نهاية المطاف لرؤية مواجهات وحروب عالمية سوف تكون لها شدة تدمير لم تري البشرية مثله من قبل , وأن المخرج الوحيد لكي لا يتحقق هذا السيناريو الكارثي هو تعزيز التعاون بين الدول العظمي ومُحاولة إيجاد أرضية مُشتركة تكون أساس لتكوين هيكل نظام دولي أكثر عدالة .