مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب : ترامبيات

من شخص لا يتمتع بأي تاريخ في الممارسات السياسية ، إلى شاغر لأعلى منصب في الولايات المتحدة الأمريكية ، تطول سيرة دونالد ترامب ، الرئيس الخامس والأربعين والسابع والأربعين لسُدة الحكم في واشنطن .
دونالد ترامب الذي لا يعرفه الكثيرون كانت طفولته غير صحية بالمرة ، فقد غابت الأم عن رعاية أطفالها في سن مبكرة للغاية بسبب مرضها ، لذا استعان والده العقاري الناجح في نيويورك (فريد ترامب) بإرساله إلى الأكاديمية العسكرية لتهذيب ابنه ، حيث عُرف عنه العنف والشغب في سنوات عمره المبكرة ، ولا يفتأ ترامب نفسه من ذكر واقعة ضربه لمدرس الموسيقى لكمًة في وجهه لعدم اقتناعه بجدارته في تدريس المادة ، واعترافه بأن التحاقه المبكر بالأكاديمية العسكري قد هذَّب سلوكياته كثيرًا ، التحق بأعمال والده العقارية وكرس مجهوداته في توسيع أعمال العائلة بطرق مشروعة وغير مشروعة ، وكان مبرره هنا استغلاله لثُغرات القوانين الأمريكية في انقاذه ومنظمته – منظمة ترامب للعقارات- من الإفلاس المتكرر .

ترامب شخصية مشاغبة منذ طفولته لا يرضى بالخضوع للضوابط والقوانين إذا ما عارضت أهدافه ومصالحه ، بل يطوعها بشكل أو بآخر لتحقيق ما يريد ، ولا ننسى هنا تعرضه للتصويت على عزله من منصب الرئاسة مرتان في مجلس الشيوخ بسبب مكالمة هاتفية مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يحثه فيها على إعلان تدخل أوكرانيا في نتائج الانتخابات الرئاسية لصالح مرشحة الحزب الديمقواطي آنذاك (هيلاري كلينتون) ، والضغط على نظيره الأوكراني للإدعاء بعقد صفقات مشبوهة مع نجل (جو بايدن) سعيًا لتشويه سمعته .

الأمر الوحيد الذي كان صادق الوعد ونزيهًا فيه هي وعوده الإنتخابية للمواطنين الأمريكيين ، بدءً من بناء الجدار بينه وبين المكسيك ، والتضييق على المهاجرين غير الشرعيين، وانتهاءا بعدم الدفاع عن مصالح خارجية دون مقابل – لكل فعل ثمن عند ترامب- .

وما يصم الآذان هذه الأيام طنطنات الكثيرين من ضيوف القنوات والمحطات الإعلامية عن ماذا سيفعل ترامب ؟! سواء كان داخليًا أوخارجيًا ، لماذا التساؤل وتاريخ الرجل في سدة الحكم شارحٌ لنفسه ؟ ، فقط يكفي إذاعة تقرير وافي عن تاريخه وسيرته في السياسة الخارجية لتعلم ما سيُقدم عليه .
ضبطُ الحدود الأمريكية ، تضييقُ اشتراطات الهجرة خاصة من الدول ذات الأغلبية المسلمة ، واستغلال سلاح الجمارك لكبح جماح الدول الصاعدة اقتصاديا ، أميركا لن تدافع مجانًا عن مصالح الغير ، وإسرائيل ومصالحها في المقام الأول .. كلها قواعد واضحة يسير عليها ترامب وإدارته ، فلتعدوا العدة وتتعلموا المساومة على حقوقكم بذكاء ، وقبل كل ذلك التزموا وحدة الموقف ، فهي طوقنا الوحيد للنجاة من رؤية ترامب المستقبلية للمنطقة .

زر الذهاب إلى الأعلى