محمد أمين المصري يكتب: حوار الطرشان بين موسكو وكييف

سارع عسكريون وقيادات في أجهزة إستخبارية أمريكية الى الترويج لفكرة التفاوض بين روسيا وأوكرانيا على خلفية انسحاب القوات الروسية من مدينة خيرسون جنوبي أوكرانيا بعد احتلال 8 أشهر كاملة قبل التخلي عنها فجأة. وقابل الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي فكرة الحوار بالرفض التام، خاصة بعدما زار المدينة وخاطب مواطنيه رافضا أي سلام مع الروس، معتقدا إنه على أبواب تحقيق انتصارات أخرى طالما الغرب والأمريكان يساعدانه عسكريا ولوجسيتيا ومخابراتيا، فما عليه سوى استمراره في المقاومة حتى كاد أن يصبح أيقونة للمقاومة بعدما كان مجهولا قبل الحرب.
الأمريكيون غالبا ما يبدون تعجلا في طرح مسألة التفاوض، وهم محقين بهدف عدم إذلال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجعله يركع بعدما إذاق أوكرانيا والعالم الأمرين، مسببا أزمات عالمية في الغذاء والطاقة ، وكوارث اقتصادية بأوروبا والعالم. و يكفي العلم أن آلاف الأسر البريطانية على وشك الاعتماد على بنوك الطعام في دلالة مؤكدة على الأزمات الاقتصادية العالمية.
ويشارك الرئيس الفرنسي ماكرون الأمريكيين في وجهة نظرهم بضرورة عدم الوصول الى نقطة إذلال بوتين، لأن بلوغه هذه الحافة ستدفعه لتبنى مواقف متطرفة لا يعلم العالم مداها، ومن أسوأ سيناريوهاتها استخدام السلاح النووي لإنهاء الحرب لمصلحة الروس والقضاء على أوكرانيا تماما وكل ما يدعمها.
وما بين رافض ومؤيد للحوار بين موسكو وكييف، غرد الرئيس الأوكراني بعيدا عن السرب، مستغلا ما حققته قواته تكتيكيا أمام القوات الروسية، وأبدى رفضا تاما للتفاوض، فهو يرى الانسحاب الروسي من خيرسون ليس هدية روسية وإنما بسبب صلابة قواته في المعارك.
مستجدات الوضع العسكري دفعت زيلينسكي الى إعلان رفضه التفاوض مع بوتين وإنما مع من يخلفه (سنتحدث مع الرئيس القادم لروسيا) على اعتبار تخلي بوتين عن منصبه على وقع بعض الخسائر العسكرية في الحرب. وتناسى زيلينسكي موقفه في بداية الحرب وترديده ضرورة الجلوس علي طاولة الحوار والتوصل الى حل وسط بين الطرفين لإنهاء الحرب، ولكنه الآن يتراجع عن هذا الطرح الاستسلامي الذي طالما تمنى أن يتحقق سابقا.. يبدو أن زيلينسكي على وشك إعلان شروط إذعان لروسيا وهو ما سيزيد بوتين تعنتا وتطرفا ليرفض أي حوار مستقبل