مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: الزيطة حلوة مافيش كلام!!

0:00

يقول المثلُ الشعبي: (بُكْرَة نُقْعُدْ على الحيطة ونِسْمَع الزيطة) وفي رواية (العِيطة)، والمعنى: نسمعُ الصياحَ والجَلَبَة، أي ما نحاول كتمانَه اليوم سيَشيع غدًا وينتشر، ويُصرف الناس من فوق الحيطان لرؤيته وسماعِ ما يُقال عنه!! ولأن الصياحَ وارتفاعَ الأصوات يجذب الانتباه، ويلفت الأنظار فعليك أن تتريثَ قبل اتخاذ أي قرار، وأن تتعاملَ بهدوءٍ ووعي.

نسمع ونقرأ خبر أن الفنان (سامح حسين) عُيِّن أستاذًا بجامعة حلوان فـ (نزيط) ولا نعطي لأنفسنا فرصةً للتأكد ومعرفة حقيقة الأمر (الزيطة حلوة مافيش كلام)!!! ونستمع لمن (يرصد ويترصد) ويصيغ العنوان كالآتي: (بالتزامن مع فصل أحد الأساتذة: تعيين الفنان سامح حسين كأستاذ بجامعة حلوان لتدريس القضايا المجتمعية)!!

الجامعة تسعى لإنتاج ڤيديوهات توعوية موجهة إلى الطلاب ولما كان الفنان سامح حسين ضيفًا على الجامعة في إحدى ندواتها ضمن الموسم الثقافي، ولما كان له إسهاماتٌ فنيةٌ توعويةٌ أخلاقية، وهو خريجُ جامعة حلوان، فقد جاءت فكرةُ الاستعانةِ به، تلك الفكرة التي حوَّلها أحدُهم إلى (زيطة) لمصلحةٍ شخصية، ولأننا (نموت في الزيطة) فقد أَثَرْنَا جَلَبَةً حول الموضوع دون أن نسعى إلى التحقق، وهو ما يَشيع في حياتنا، نسمعُ خبرًا ما، فيُعلِّقُ عليه شخصٌ بقولِه: (تلاقي اللي حصل كذا وكذا)، فيرد عليه آخر: (تصدق!! أكيد هو كده برده)!! ثم نتعامل مع الاستنتاج على أنه واقع!! ناسين أن (الزيطة) تشير إلى الفوضى التي قد تُضللُ المرءَ منا، وحتى لا نجلسَ بجوار (الحيطة) ولا نسمع (الزيطة)، علينا أن ننتظر حتى تتضحَ الأمور قبل الحُكم أو التصرف، ففي التأني السلامة خاصةً في مِثل هذه الأمور، فإذا فكَّرنا بـ “شِلِن” (عملة نقدية لا يعرفها كثيرون من أبناء الجيل الحالي، والجنيه عشرون شِلِن)، لأدركنا عدمَ صحة ما سمعنا وما لاكته ألسنتُنا، وبدلًا من التورط والاندفاع والتسرع، فكِّرْ بِرَوِيَّة، وراقِبْ بذكاء، حتى تتضحَ الصورةُ كاملةً. في حُكمِك على الأشخاص افعلْ ذلك، في سماعِك لأخبارٍ عن وطنك تبدو غيرَ منطقية افعلْ ذلك.

من الحِكمةِ أحيانًا عدمُ التدخل والاكتفاءُ بالمراقبة قبل اتخاذ القرار لفَهْمِ المشهد بصورةٍ أفضل، ولا يُعَدُّ هذا برأيي خوفًا؛ فالمواقفُ المدروسة _ سياسيًّا _ أفضل حتى وإن بدا أن صاحبَها لم يواكب الحدث!! والمواقفُ المدروسة _ اجتماعيًّا _ أفضل بدلًا من التهور الذي يَزيد الأمورَ تعقيدًا.

يقول الحكماء: (ليس كلُّ موقفٍ يستوجبُ التدخلَ الفوري، وأحيانًا يكون الانتظارُ هو الحلَّ الأكثرَ ذكاءً لتجنُّبِ العواقبِ غيرِ المرغوبة). ويقول عزَّ مِن قائِل: “…فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” (الحجرات _ 6).

زر الذهاب إلى الأعلى