حازم البهواشي يكتب: صاحب الرقم (5)!!

يقول صاحبي: إن الرقم (5) يطارده في حياته؛ فقد وُلِد يوم (5 / 5 / 1965م)!! وكان ترتيبه الخامس بين إخوته، كما كان رقم (5) في قائمة الفصل!! وغالبًا ما كان خامسَ دفعته في سِنِيّ الدراسة المختلفة حتى الجامعة!! حتى عندما تزوج وظن أنه سيكون _ لأول مرة _ رقم واحد، اكتشف أن زوجته قد خُطِبت قبله أربعَ مرات!! ثم قال في نفسه: لا بأس، أنا الآن رقم واحد في حياتها ودائرة اهتماماتها، لكنه فوجئ _ بعدما رزقوا بأطفال سريعًا _، أن أولوياتها من الأشخاص في الحياة: نفسها ثم أولادها ثم أمها ثم إخوتها ثم هو!! فهو من لا اعتبارَ له إلا إذا عَلا صوتُه، وهو الساقط دومًا من السؤال عنه إذا تأخر خارجَ البيت خاصةً إذا كانت بصحبة أولادها وأمها وإخوتها، فلماذا السؤال عن رقم (5)، وهو المُعامَلُ بجفاء وجفاف يرى أنه لا يستحقه ولكن الواقع هو المهم، وماذا ترى هي؟! إنها ترى أن الدلع يُفسد الرجال و (جوزك على ما تعوديه)، فلا تُفسِدِيه عليكِ باهتمامٍ زائد، وإنْ طلب!! وليحمد ربه أنه رقم (5) فهذا ترتيبٌ متميز، يكفي أنه من بين العشرة الأوائل!! ويكفي أنها لم تُدخِل زملاء العمل أو إحدى صديقاتها في الترتيب قبله، وإن كان يرى أن مِن نحس الدنيا عليه أنها إذا فقدتْ واحدًا من الأربعة الأوائل فحتمًا ستظل ذكراه في الترتيب، ليظلَّ هو رقم (5)، أو ستحل محلَّه إحدى صديقاتها ليظلَّ هو في نفس ترتيبِه الذي يُطارده منذ الطفولة!!
يقول صاحبي: كنتُ كلما هجرتُ المصحفَ لفترة ثم عُدتُ إليه، أجدني أقرأ في سورة (المائدة) وهي السورة رقم خمسة في ترتيب المصحف!! ومِن عَجَبٍ أنني إذا فتحتُ المصحفَ عشوائيًّا مِن أولِه تقعُ عيني على الآية رقم (125) من سورة “آل عمران”: ” بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ”!! وإن انتصفتُ وجدتُني أمام قوله تعالى في سورة الكهف: “… وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ … ” (آية رقم 22)!! وإن يمَّمْتُ وجهيَ نحو العُشْرِ الأخير من المصحف تقع عيني على قوله تعالى في سورة المجادلة: “… مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ … ” (آية رقم 7)!!
أَحَبَّ صاحبي أشعارَ الفاجومي “أحمد فؤاد نجم” (1929م _ 2013م) ومنها: (زي النهاردة من زمان من كام سنة // ولا فيش لزوم للعَدّ أو للحَسْبَنة // أصل الحكاية عِدّ عُمْرَك يا جُحَا // قال يوم فَلَس وخمسة ستة عكننة // فَلَس فَلَس… يَحْيَا الفَلَس والجدعنة)!! وفوجئ أن أحدَ ألقاب “نجم” هو (نمرة خمسة)!!
صغيرًا أَحبَّ الأفلامَ القديمة وأُعجِبَ بفيلم “رصيف نمرة خمسة” (عُرِض عام 1956م _ قصة وبطولة فريد شوقي “1920م _ 1998م” _ إخراج نيازي مصطفى “1911م _ 1986م”)، وكبيرًا لفت نظرَه أن اسمَ وحش الشاشة “فريد شوقي” في الفيلم كان الشاويش “خميس”!!! وكذلك أُعجِب بأغنية عمرو دياب كلمات مدحت العدل: (رصيف نمرة خمسة والشارع زِحام، وساكت كلامنا ما لاقي كلام)!!
في عِلم الأعداد، يرمز الرقم (5) إلى الحرية، والفضول، واستكشاف العالَم وعدم الشعور بالمَلل أبدًا، لكنَّ صاحبَنا يشعر بالملل مِن تجاهلِه وترتيبِه المتأخر في قائمة الأولويات والاهتمامات، لذا فقد أَحَبَّ أرملةً وأحبَّتْهُ، وقال لها: عِدِيني أن أكونَ رقمًا مُتقدمًا في حياتِك، فقالت: أَعِدُكَ أن تكون قبلي، ولكن بعد أولادي الأربعة!! عَشِقَ مُطلقةً، وسألها عن عددِ أولادها، فقالت: ثلاثة!! سعِدَ سعادةً ممزوجةً بخوف، إذ ماذا لو جَعَلَتْه بعدَها وبعدَهم؟! إنه يبحث عن مركزٍ متقدم عن المركز الخامس، فهل من مجيبة؟!