مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب : أيها العرب الأماجد جربوا أن تقولوا …. لا

0:00

انعقدت القمة الخليجية بين الرئيس دونالد ترامب وبين قادة دول مجلس التعاون الخليجي خلال زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة منذ أيام قليلة وبما أنه لا يوجد شيء اسمه مصادفة عند الأمريكان فاختيار توقيت الزيارة وترتيباتها في مثل هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة له مغزى وأهداف كثيرة ومتعددة

وتعود الأيام ومنذ زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للمنطقة خلال فترة ولايته الأولى وبنفس الزخم والكرنفالات ومهرجان الهدايا وكأنه يريد أن يعيد العرب إلى الماضي أو على الأقل يريد أن يحضر الماضي إليهم ولا يهم ذلك فمن حق الإدارة الأمريكية أن تفعل ما تشاء وأن تناقش وتطرح ما تريد طرحه من قضايا وملفات وأن يأخذ الرئيس الأمريكي ما يطلبه من الهدايا والطائرات والقروض حسب ما يراه هو وعلى الجميع السمع والطاعة.

ولكن ما يعنينا في هذا المقام هو موقف ملوكنا وأمرائنا وأئمتنا أطال الله في أعمارهم فالمراقب للأحداث من حولنا يدرك تماما أن الإدارة الأمريكية ماضية وبكل قوة في تنفيذ خططها التي وضعتها للمنطقة ومنذ سنوات طويلة وأنفقت عليها المليارات التي أخذتها من جيوب وأموال العرب والمرتبطة لدى قادتها بحسابات سياسية واقتصادية وعقائدية قوية وراسخة لا رجوع عنها ولا تفريط فيها وعلى ذلك فهي تتعامل مع المنطقة بما يشبه لعبة الأوراق المكشوفة تارة تستعرض كل مفردات القوة وتارة تضغط على الجميع لكي تفرض أو تمهد لواقع جديد يجب على الجميع أن يقبله رغما عنه حتى فرص الاختيار والتفاوض تكاد تحرم دول المنطقة العربية منها وكأنها تقول للجميع ليس عليك إلا القبول بما نفرضه نحن ومن نتحالف معه .

تقلب الإدارة الأمريكية أوراق اللعبة كيفما تشاء وفي كل اتجاه تصنع الحلفاء وتقويهم هنا وتهدم الآخرين أو تضعفهم هناك وتطلب من عملائها أن ينشطوا وأن يعملوا بكل قوتهم وطاقتهم وأن يضعوا كل الخطط رهن الاستعداد والتنفيذ وأن يمهدوا الأرض لكل الظروف المواتية التي تتطلبها المراحل المستقبلية التي تقدرها وتراها الإدارة الأمريكية تنشط في بعض بيوت الحكم وتحاول هدمها وتقوي وترمم من يطيع الأوامر ويدفع الأموال وتصدر الأوامر لرجال الأعمال التابعين لها وتطلب منهم تعطيل المشروعات الكبرى والانسحاب من الأسواق الواعدة في بلدانهم ومهاجمة المؤسسات العريقة القوية في بلادهم لمحاولة صنع أزمات اقتصادية ضاغطة .

سياسات أمريكية يفرضها واقع الحروب التي تخوضها الإدارة الأمريكية لصالح اقتصادها المنهار ولصالح حليفتها إسرائيل وكل هذه السياسات لا تغيب عن أحد ومن المفروض أنها لا تغيب عن ملوكنا وأمرائنا أطال الله في أعمارهم وعلى هذا أيظن ملوكنا وأمرائنا أن الإدارة الأمريكية مازالت هي الحليف القوي والصديق الوفي الذي يعتمد عليه في كل الظروف والأحوال؟ أيظن ملوكنا وأمرائنا أن أن الرئيس الأمريكي أتى من آخر الدنيا لكي يتشاور ويتحاور ويستمع إليهم؟

في أي شيء يشاورون وحديث الرئيس الأمريكي ولغته وطريقة تعامله كلها تكبر واستعلاء وكأنه السيد ويجب على الجميع طاعته وتنفيذ أوامره؟

لماذا لم يقولوا للرئيس الأمريكي لا … لن ندفع

هل يثق ملوكنا وأمرائنا في عهود الإدارة الأمريكية إذا كنتم كذلك فلتنظروا إلى صورة الرئيس مبارك ولتسمعوا الرئيس أوباما وهو يقول لمبارك فلترحل الآن

جريوا أن تقولوا لا ولو لمرة واحدة جربوا أن تقفوا في وجه الأمريكان وأعلنوا رفضكم لسياستهم وصارحوهم بكل مخاوفكم وبأنكم لا تثقون فيهم جربوا أن تتمردوا عليهم وأن تصارحوهم برفضكم لجباية الأموال والهدايا جربوا أن تقولوا لا كما قالها غيركم بكل عزة وشموخ وكبرياء

جربوا أن تقولوا للرئيس الأمريكي لا فقد تصدقون أنفسكم وتعتادوا أن تقولوا لهم لا

وإن كنتم غير قادرين على الرفض وغير قادرين على أن تقولوا للرئيس الأمريكي لا فخذوا معكم عند مقابلته مجدكم وعزكم خذوا معكم تاريخكم خذوا معكم دينكم وقيمكم وعاداتكم خذوا معكم كل هذه الأشياء فأنتم فقط من تملكونها وتعرفونها

البسوا عباءة العز والفخر والكبرياء ولا توافقوهم إن طلبوا منكم أن ترتدوا ثياب الطاعة والخضوع والولاء فثيابهم على قدر تاريخهم وأفعالهم

اجلسوا على طاولة المفاوضات وافتحوا كتاب التاريخ وضعوه في وجه الرئيس الأمريكي وإدارته وتعلموا منه أن التاريخ يخلد العظماء والأقوياء وإن طلبوا منكم شيئا لا يعجبكم ولا يرضيكم فجربوا أن تقولوا لهم ….. لا….. جربوها ولو لمرة واحدة

زر الذهاب إلى الأعلى