دكتور عماد عبد البديع يكتب: ( إسقاط المساعدات على غزة.. ما مدلولاته؟ )

أشعر بدهشة كبيرة تتملكني عندما أستمع إلى نشرات الأخبار وهي تخبرنا بتفاصيل عمليات إسقاط المساعدات الانسانية على قطاع غزة، وأشعر بدهشة أكبر عندما أعرف أن دولا كبرى مثل: ايطاليا والمانيا وفرنسا وبريطانيا تقوم بهذه العمليات وتشارك فيها، الشيء الملفت للنظر أن دول بمثل هذا الحجم و هذه القوة تشارك في هذه المسرحيات الهزلية ولا تستطيع إجبار إسرائيل على فتح المعابر لإدخال المساعدات. عمليات الإنزال هذه تشير إلى أربع نقاط بالتحديد:
▪️النقطة الأولى: أن الكيان الاسرائيلي يطبق بكل قوته على قطاع غزة ويحاصره من جميع النواحي برا وبحرا وجوا، ولا يستطيع العالم بكل دوله ومؤسساته الدولية ادخال المساعدات للمدنيين والاطفال الذين يموتون جوعا كل يوم، والسؤال اذا كان العالم كله لا يستطيع فتح المعابر لإدخال المساعدات فكيف يطلبون من مصر ان تقوم بذلك بمفردها؟!
▪️النقطه الثانية: أن هذه المجاعة لو حدثت في دولة أوروبيه لكان للكلام شأن أخر، أوكرانيا مثلا تعاني من ويلات الحرب منذ اكثر من أربع سنوات ولكن لم نسمع يوما عن حدوث مجاعة أو عن نقص في الإمدادات الغذائيه. هل هذا يكشف الوجه البغيض للحضارة الغربية التي أصبحت تكيل بمكيالين؟ ففي الوقت الذي تنتفض فيه الحكومات الغربية على صورة الأسير الاسرائيلي لدى حماس الذي يتطور جوعا في حين أنهم يتناسون الأطفال والنساء الذين يموتون كل يوم في غزة من الجوع.
▪️النقطه الثالثة: أن هذه الاسقاطات والكميات المحدوده من المساعدات الملقاة بطريقه غير آدمية على 2 مليون مواطن فلسطيني هل تكفيهم؟ وبغض النظر عن كل ذلك فإن الأمر الخطير جدا في هذا الموضوع والفخ الذي لا يجب الوقوع فيه هو محاولة البعض تفريغ القضية الفلسطينية من جوهرها فيما يعرف ب” أنسنة” القضية الفلسطينية، وهو ما ينبغي الحزر منه كل الحذر، أي تحويل القضيه الفلسطينية من قضية شعب وحقه المشروع في إقامة دولته على أرضه إلى جعلها مجرد قضية إنسانية وقضية مساعدات فقط.
▪️النقطة الرابعة والأخيرة هي أن اسرائيل أصبحت دولة مارقة وخارجه على القانون، دولة فوق المسؤوليه بعيدة عن المحاسبه مهما تعمل ومهما تفعل ومهما ترتكب من جرائم إباده انسانيه، لا أحد يستطيع أن يسائل قادتها، ولا أحد يستطيع أن ينفذ قرارات المحكمه الدوليه باعتقال رئيس الوزراء الاسرائيلي باعتباره مجرم حرب، حتى وصل الأمر إلى التصريح مؤخرا من قبل وزير الخارجية الامريكية – هذا التصريح المثير للسخرية والاشمئزاز قبل الاستنكار والدهشة- أن فلسطين لا تستطيع إقامة دولتها بدون موافقه اسرائيل في تحد واضح وصارخ لقرارات الشرعية الدولية. هل يعد هذا مؤشرا على موت المنظمات الدولية اكلانيكيا؟ وذلك بعد ما لاحظناه من عجز جميع المؤسسات الدوليه من حقوق الانسان ومحاكم العدل الدوليه من ان تقف في وجه اسرائيل، هل أصبحنا في حاجه الى مؤسسات ومنظمات دوليه بديله للأمم المتحده التي اصبحت لا تقدم ولا تؤخر شيئا؟ هل اصبحت هذه المنظمات وهذا النظام العالمي الذي تأسس بعد الحرب العالميه الثانية في حاجه لمراجعة؟؟؟
أسئله كثيره ما زالت تبحث عن اجابات…