أحمد فرغلي رضوان يكتب : الدراما بين الصناعة والتجارة

كانت صناعة وتحولت إلى تجارة ..هكذا لخص الرئيس السيسي حال الدراما المصرية “المتردية” في السنوات الأخيرة.
هي تحولت إلى تجارة في سنواتها الأخيرة عندما أصبح القائمين عليها محدودي الموهبة همهم الأكبر إنتاج أكبر عدد من الأعمال في أقل فترة زمنية من أجل الربح الكبير والسريع، لأنهم يعلمون أنهم ممكن أن يغادروا مناصبهم في أي وقت ! تحولت إلى تجارة عندما تم إقصاء الموهوبين لصالح “الشلل” التي تدير وتتحكم في الإنتاج ” الشبه حكومي ” ! لا توجد عدالة في توزيع الأعمال وكذلك شبه احتكار لشركات الإنتاج، يجب إتاحة الفرصة للجميع، نجد فريق إنتاج يسيطر على عدد كبير من الأعمال، فكيف سيختار عمل جيد وكيف يديره ! الأمر يدار بمنطق “السبوبة” لدى الكثير من القائمين على الإنتاج.
الرئيس السيسي قال إنه ينقل نبض الشعب من خلال دراسات واستطلاعات رأي تصله، مؤكدا أن الأعمال الفنية تحتاج إلى إعادة تنظيم للحفاظ على الذوق العام من التدهور.
على مدار السنوات الماضية لو نظرنا لحال الإنتاج سنجد نوعية سيئة من الأعمال الشعبية يكون فيها البطل “شبه بلطجي” يتم فيها تغييب القانون ويأخذ حقه بنفسه ، تيمة الانتقام هي التي سادت ويتباهى صناع تلك الأعمال بأن الجمهور يجلس على المقاهي يشاهدها !! ولكن هذا القياس خاطيء لا يجلس الجمهور ويشاهد العمل لأنه جيد ولكن يجلس من أجل التسلية هو يجلس يشاهد أيضا مباراة كرة قدم ويجلس يشاهد مباراة مصارعة أو ملاكمة، هو ليس دليل على جودة العمل !
ولكن على الرغم من ذلك في كل موسم يكون هناك بارقة أمل في عدد من الأعمال الجيدة حتى لو كانت محدودة ولا يزال الجمهور يذكر موسم دراما رمضان عام 2013 واحد من أفضل مواسم الدراما في العشرين سنة الأخيرة والذي عرض فيه عدد من الأعمال المتميزة مثل، ذات، بدون ذكر أسماء، موجة حارة ، العراف، الداعية وغيرها .
العمل الفني هو تجسيد لفكرة يتم وضعها في قالب كوميدي أو درامي أو فانتازيا ولكن في النهاية يجب أن يتوافق هذا العمل مع الحد الادني لقيم المجتمع ولا يتجاوز الاطار القيمي والقانوني والأخلاقي والسلم الأهلي اللي ارتضاه المجتمع الذي يتحدث عنه هذا العمل.
للأسف ظهرت بعض الأصوات الإعلامية مؤخرا تدافع دفاع “أعمى” عن أعمال شعبية بها مشاهد على مستوى الحوار من أسوأ ما يكون وهي في الحقيقة أعمال مبالغ فيها بشكل كبير احتوت على أسوأ حوار شاهدته في الدراما عبر تاريخها ! حوار فج ومتدني بشكل غير طبيعي ! تلك الأصوات الإعلامية تحدثت عن دعم إنتاجي عربي للدراما وإمكانية سحبه !! وهو شيء مضحك وهل كان هذا الدعم موجود قبل سنوات أو طوال تاريخ الدراما المصرية والتي قدمت مئات الأعمال التي كان ملهمة للشعب العربي كله ! حتى الآن لا يوجد بلد عربي زرته إلا والأعمال الفنية المصرية حاضرة في وجدانهم خاصة الأعمال المصرية القديمة التي لن تتكرر .
تأثيرها كان عميقا وكبيرا وأي حديث عن استثمارات الأن لن يقدم أو يؤخر ، صناعة الفن في مصر مستمرة ولن تتوقف لأنها صناعة راسخة عمرها 100 عام .
وأيضا لا يمكن أن نغفل حال الإعلام وأقصد هنا البرامج التليفزيونية التوك شو وهي ليست حالة طارئة بل بدأت عقب أحداث يناير 2011 حيث حدث ما يشبه الانفلات في محتوى برامج التوك شو ، بداية من اللهجة المستخدمة من جانب بعض الإعلاميين والتي سادتها العصبية والحدة والصوت العالي !! كان مشهدا لافتا اختلط فيه الحابل بالنابل ولن أكرر ما سبق ذكرته عما حدث من تجاوزات كثيرة لبعض البرامج مع الضيوف.
وهذا العام معظم البرامج الحوارية تحولت في محتواها إلى نموذج “الصحافة الصفراء” بشكل صريح مما دفع عدد من الضيوف للانسحاب من أحد البرامج، وفشلت تلك البرامج في جذب الجمهور هذا العام بسبب ضعف أسئلتها وعدم قدرتها على صناعة محتوى جيد يبحث عنه الجمهور ، ولذلك ذهب الجمهور إلى محتوى جديد وجذاب في برنامج “قطايف” للفنان سامح حسين ، صناعة المحتوى ليست ” بالفهلوهة وإثارة الفضائح” ولكن طالما هناك برامج مدفوعة سنجد تلك النوعية السيئة.