مقالات الرأى

د.فتحي حسين يكتب: ما هو مستقبل الصحفي التقليدي في ظل الذكاء الاصطناعي؟

0:00

في ظل التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي (AI) والتكنولوجيا الرقمية، يواجه الصحفي التقليدي العديد من التحديات والفرص،مع الإقرار بانه سيظل الصحفيون جزءا أساسيا من صناعة الإعلام، ولكن دورهم سيشهد تغييرات كبيرة مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب صناعة الصحافة.
المؤشرات تقول بأنه في المستقبل، سيقوم الصحفيون باستخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدتهم في كتابة الأخبار العاجلة والتقارير البسيطة مثل نتائج المباريات، والتقارير الاقتصادية، والبيانات المالية. قد تتمكن أدوات مثل الروبوتات الصحفية من كتابة المقالات بناءً على البيانات المدخلة، مما يتيح للصحفيين التركيز على الموضوعات الأكثر تعقيدًا وتغطية الأحداث الحية.
وسوف يستفيد الصحفيون من أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الكبيرة، مما يساعد في تحديد الأنماط والاتجاهات التي يمكن أن تكون أساسية في صناعة التقارير الاستقصائية.
و سيقوم الصحفيون التقليديون باستخدام هذه الأدوات لتسريع وتحسين دقة تحليلاتهم، مما يمكنهم من تقديم تقارير أعمق وأدق.
بينما قد يتولى الذكاء الاصطناعي جزءًا من العمل الروتيني مثل الكتابة البسيطة والتحليل الأولي للبيانات، سيبقى للصحفيين التقليديين دور مهم في الصحافة الاستقصائية. وسيعتمد الصحفيون على الذكاء الاصطناعي لتنظيم وتحليل كميات ضخمة من البيانات التي قد تكون معقدة جداً للمعالجة يدويًا. الذكاء الاصطناعي سيتيح لهم اكتشاف الأنماط المخفية في السجلات المالية، أو التعرف على الفساد، أو تتبع الحالات القانونية المعقدة.
و الصحفيون الاستقصائيون سيحتاجون إلى المهارات اللازمة لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لفحص الحقائق واستخلاص المعاني من البيانات غير المهيكلة، مثل النصوص والصور والفيديوهات. سيحسن الذكاء الاصطناعي قدرة الصحفيين على التعامل مع ملفات ضخمة مثل الوثائق المسربة أو التقارير الحكومية.
بينما سيقوم الذكاء الاصطناعي بتسهيل وتوسيع نطاق الوصول إلى المعلومات، سيزداد دور الصحفي التقليدي في تقديم التحليل العميق، و إعطاء السياق، و البحث. الصحفيون سيحتاجون إلى أن يصبحوا أكثر إبداعا، حيث لن تقتصر وظائفهم على جمع الأخبار، بل ستشمل فهم السياقات المعقدة والتفاعل مع الجمهور بشكل أعمق.
بينما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في جمع البيانات وتحليلها، فإن الجانب الإنساني للصحافة، مثل التغطية المباشرة للأحداث، و التفاعل مع الأشخاص، و كتابة القصص الإنسانية، سيظل في أيدي الصحفيين التقليديين. الصحافة التي تتعلق بالتجارب الشخصية و القصص الواقعية لا يمكن تكرارها بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي.
و سيتعين على الصحفيين التقليديين تعلم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال في عملهم اليومي.
وسيشمل ذلك تعلم كيفية التعامل مع أدوات تحرير النصوص المدعومة بالذكاء الاصطناعي، أو استخدام التقنيات التي تتيح تحليل البيانات. على الصحفيين أن يبقوا على اطلاع دائم بأحدث التقنيات لضمان بقائهم في صدارة التغيرات التقنية.
و سيتعين على الصحفيين دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتهم التحريرية بشكل سلس. قد يتطلب ذلك تعلم البرمجة أو التعامل مع الأدوات التكنولوجية الجديدة التي يمكن أن تعزز من فاعليتهم في كتابة الأخبار وتوزيعها.
و مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة، ستكون هناك مخاوف من التحيز في الخوارزميات التي قد تؤثر على مصداقية الأخبار. الصحفيون التقليديون سيحتاجون إلى ضمان أن المحتوى الذي يتم إنتاجه عبر الذكاء الاصطناعي يتماشى مع معايير الحيادية و الشفافية.و سيكون للصحفيين دور أساسي في التحقق من الأخبار التي يتم إنتاجها باستخدام الذكاء الاصطناعي، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالأخبار المضللة التي قد يتم توليدها من قبل الخوارزميات. الصحفيون سيحتاجون إلى المهارات اللازمة لاكتشاف المعلومات الخاطئة أو المضللة وتوضيح الحقيقة للقراء.
و سيزداد تفاعل الصحفيين مع الجمهور في عصر الذكاء الاصطناعي. باستخدام أدوات مثل الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك الجمهور واهتماماته، سيستطيع الصحفيون تخصيص التغطية الإعلامية بشكل أفضل لتلبية احتياجات واهتمامات القراء، مما يعزز العلاقة بين الصحفي والجمهور.
والصحفيون سيكونون أكثر قدرة على إنتاج محتوى تفاعلي يعتمد على الذكاء الاصطناعي مثل الاستطلاعات التفاعلية أو القصص التي تتطور بناءً على اختيارات القارئ، مما سيخلق تجربة إعلامية غنية ومبتكرة.
ورغم التقدم الكبير في الذكاء الاصطناعي، سيظل للصحفي التقليدي دور محوري في صناعة الإعلام. سيشهد الصحفيون تحولًا في كيفية أداء عملهم، حيث سيعملون جنبًا إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة والتحليل.
في النهاية، سيكون للصحفيين التقليديين دور مهم في تقديم التحليل العميق و السياق الإنساني، بالإضافة إلى التفاعل مع الجمهور والمساهمة في التطوير الأخلاقي للصحافة في عصر الذكاء الاصطناعي.

زر الذهاب إلى الأعلى