مقالات الرأى

دكتور عماد عبد البديع يكتب: ( ترامب والجوكر ! )

0:00

منذ منافسة المرشحين في سباقهم للوصول للبيت الأبيض في الانتخابات الأمريكية الأخيرة كان العالم يحبس أنفاسه خوفا من وصول ترامب لسدة الحكم في امريكا، وكان لسان حال الجميع الم تجد الولايات المتحدة الأمريكية غير هذا لترشحه لرئاستها خاصة بعدما عاينوه خلال فترة حكمه في المرحلة الرئاسية الأولى من تصدر المشهد العبثي والقرارات المتهورة الغير مدروسة والتصريحات الاستفزازية والبلطجة الأمريكية على العديد من الدول … ورغم كل ذلك حدث ما كان وفاز برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية!

وبمجرد ممارسة ترامب لمهام منصبه الرئاسية منذ بضعة أسابيع ساد العالم حالة من التخبط والعشوائية والفوضى نتيجة مجموعة من القرارات التي أصدرها الرئيس الأمريكي المنتخب والتي أثارت حالة من الذهول والضابية والاستنكار لدى مؤيديه قبل معارضية وبدأ العالم بكل دوله كأنه لعبة شطرنج بيد ترامب يتحكم فيها كيفما يشاء ينقل هذه ويحرك تلك !

حيث يترك ترامب الكثير من العمل يوميا امام الزعماء والرؤساء للرد على تصريحاته التي تتدفق كالسيل وعلى مدار الساعه، فتارة نجده يقوم بفرض عقوبات على المحكمه الجنائيه الدوليه، وتاره يقوم بنشر القوات على الحدود مع المكسيك لمنع تدفق المهاجرين الى امريكا، وتارة يقول بان قناه بنما قناه أمريكية وان خليه المكسيك هو في حقيقته خليج امريكي وليس مكسيكي، انتهاء بمطالبته بشراء غزه لصالحه لعمل مدينه سياحيه عالميه عليها …

تذكرني شخصيه ترامب بشخصيه سينمائيه شهيرة في السينما الأمريكية وهي شخصيه المهرج ” الجوكر ” والتي أبدع فيها الممثل الأمريكي الموهوب هيث ليدجر الحاصل على جائزة الأوسكار، وهي شخصية لرئيس عصابة إجرامية شرير خارق ومخادع وغريب الأطوار وله فلسفة خاصة به، وهو يكره القانون ودائما ما كان رمزا للشر ويحاول بكل ما اوتي من حيطة ودهاء وتخطيط دقيق أن يستغل المواقف والظروف لتحقيق اهدافه ولكن دائما ما تفشل في آخر الأمر حيث يتصدي لها شخصيات اخرى طيبة وخيرة اكثر حكمه وحرصا على هوية المجتمعات وقيمها ..

ولم تقتصر مشاغبات ترامب على الجانب السياسي فقط بل أيضا امتدت إلى الجانب الاقتصادي، فنجده يفرض رسوم جمركية باهظة على حلفائه من دول الاتحاد الأوربي تصل إلى ٢٥ % على السلع الواردة إلى أمريكا لجلب المزيد من النقود إلى الخزانة الأمريكية ، فيما عارضه البروكسل على لسان الناطق الرسمي باسمها قائلا أن ذلك يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم مما قد يسبب أزمة اقتصادية عالمية، وهو الأمر الذي قوبل برد عنيف من قبل دولة فرنسا ودعوتها إلى اتخاذ إجراءات مماثلة كرد فعل على القرارات الأمريكية ..

الصفقة هي كلمة السر في جميع قرارات ترامب، فهو ينظر بعين التاجر، يحسم كل الامور من مبدأ الربح والخسارة، فوقف إطلاق النار في غزة هو صفقة، ومهادنة روسيا أيضا صفقة، والوقف عن دعم اوكرانيا ومطالبتها برد ٣٠٠ مليار دولار التي صرفتها امريكا عليها منذ بدء لحرب دون النظر للأمن القومي الأمريكي وعلاقتها بحلافائها أيضا صفقة … لذلك نجد الملياردير الرأسمالي الأمريكي في تناوله للصراع الفلسطيني الاسرائيلي -بلغة التجارة- يطلب من المفاوض الغزاوي المستحيل حتى يحصل على الممكن.

اذن هذه الشخصية المتهورة الغامضة تدعونا وبخاصة نحن العرب إلى التريث ودراسة هذه الشخصية جيدا ومعرفة كيفية التعامل معها وامتلاك الاستراتيجيات المناسبة والعديد من أوراق الضغط الاقتصادية والمالية للوقوف كحائط صد أمام أفكاره وقراراته الشيطانية وخاصة أننا نحن العرب وبحق نمتلك الكثير من هذه الأوراق …

زر الذهاب إلى الأعلى