رأفت السويركي يكتب: قالها أحمد شوقي … “فَمُصِيْبَةُ الإِسْلَامِ مِنْ جُهَّالِهِ”!!
بيتٌ محكمٌ من شعر أمير الشعراء أحمد شوقي يبدو وكأنه يقرأ الواقع الراهن بقوله: (لا تَسْمَعُوْا لِلمُرْجِفِيْنَ وَجَهْلِهِمْ *** فَمُصِيْبَةُ الإِسْلَامِ مِنْ جُهَّالِهِ)؛ إذ ينطبق القولُ على صورة الكارثة التي تعيشها الأمة بكل ظواهرها المرضية؛ والتي أحدثتها “فرقُ الإسلام السياسوي” بتشكيلاتها المشبوهة من المُضلِّلين للوعيِّ، وتابعيهم المُساقين كالقطعان تصديقاً لمكذوبيات المرجفين؛ وهم يخوضون في الأخبار السيئة ليوقعوا الناس في الاضطراب والخلل.
إن المرجفين من كوادر “الإسلام السياسوي” يمارسون أضاليلَهم ذات النهج الماسوني لتغييب كُنْه العقيدة الإلهية الخاتم؛ عبر تثبيت مرجعيات التأويل الفاسد، والموروث الرواياتي المكذوب أغلبه؛ وتوظيفهما في تشويه صورة السماحة المنبسطة شمولاً بامتداد السموات والأرض، فيزيفون مقصودَها الكريم وهم يبررون عنف أفعالهم الحمقاء؛ بحصر عقيدة الإسلام الربانية فيما أسموه “المجاهدة والجهاد” بالقتل وإزهاق الأرواح؛ وليس بالقول الحَسَنِ؛ وتكبيل العقول؛ وتجريدها من مسلكها بالتفكر؛ وقوعاً في توهمات أنهم المؤمنون فقط… والبقية خلافهم هم من الكافرين (سيد قطب أنموذجاً)!!
*****
إن من هؤلاء الجُهَّال الذين لا يملكون من العقيدة الحق سوى قشورها… يأتي “سيد قطب” مُنَظِّر التكفير لعبادِ الله بقوله في كتابه “ظلال القرآن”: “إن مساجد المسلمين التي تقام فيها الصلاة، ويرفع فيها الآذان هي معابد جاهلية ولابد من اعتزالها”؛ ويسبقه كذلك إمامُهُ المشبوه “حسن الساعاتي البنَّاء” بحقيقته مُروِّجاً للتضليل حين يَدَّعي عبر رَسَائِلِهِ: ” في وضوح وصراحة أن كل مسلم لا يؤمن بهذا المنهج ـ منهج الإخوان ـ ولا يعمل لتحقيقه لا حظَّ له في الإسلام”!!.
لذلك خرجت من رَحِمِ “جماعة حسن الساعاتي البنَّاء” كلُ جماعات القتل المؤدلج، مثل “القاعدة” و”داعش” و”الجهاد” و”المرابطون” و”أنصار الدين” و”بوكو حرام” وغيرها مُستهدفة هدم نمط الدولة الوطنية، وتقنين مسلك الانتحارية غير الفاصلة في الاغتيال بين المسلمين وغيرهم من الأجناس والعقائد؛ بحُجة الجهاد المزيف المحكوم بفكرة “الحَاكِمية” للباكستاني أبي الأعلى المودوي مؤسس “الجماعة الإسلامية”.
لقد وصف أحمد شوقي “أمير القريض” في زمانه هؤلاء الفاسدين عقلاً بالمرجفين والجاهلين؛ ليرسخ حكمة سياسوية بليغة؛ تصلح لكل الأزمان بأن: “مصيبة الإسلام هي من فعل جُهَّالِهِ” في الفهم والاقتناع والمسلك؛ والذين يسيئون لدين القناعة بقاعدة (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ ) مع التفكر والتأمل وحرية الإرادة وإعمال العقل في كل شيئ.
والمريب في الأمر الذي يثبت سقوط هؤلاء المرجفين وأتباعهم؛ أنهم يسعون لهدم أوطانهم من أجل متوهم “الخلافة السلطانية” المُنْقَضي زمانُها ووجُوبُها في الحياة المعاصرة باعتبارها من المتمنيات البشرية وتدبيراتها المناسبة لزمان نشوء العقيدة؛ لذلك لا يتوقف المرجفون عن ترويج الإشاعات وتعميم الأخبار المغلوطة؛ واختلاق حالات من القلق الاجتماعوي، ظناً بأنهم يتمكنون بذلك من عقول الجماهير الشعبوية غير المدركة لمخاطر “وسائط التواصل الاجتماعوي” في تعميم الزيف؛ في الوقت الذي تتجاوز تلك الجموع حالة التفكر في لغز احتضان المجتمع الغربي (الكافر) كما وصفوه منذ البدايات لهم ورعايتهم وإتاحة الفرص لهم لممارسة دعاياتهم المكذوبة؛ بل والمشاركة عبر بيادقهم في الداخل كعملاء في هدم الأوطان.
*****
هكذا هم المرجفون بامتداد التاريخ؛ الذين يخوضون سيناريوهات استصناع الفتن وترسيخ الأقوال السيئة؛ انطلاقاً من ظنونهم المرضية بأنهم مجاهدون؛ ومُكلَّفون من السماء والتي هي بَرَاءٌ من أفهامهم وأفعالهم بتنفيذ “الفريضة الغائبة”. وقد صدق أمير الشعراء الراحل أحمد شوقي بقوله:(لا تَسْمَعُوْا لِلمُرْجِفِيْنَ وَجَهْلِهِمْ *** فَمُصِيْبَةُ الإِسْلَامِ مِنْ جُهَّالِهِ)؛ وحفظ الله عقيدته من هؤلاء المزيفين والمضللين بأقنعتهم السياسوية الفاسدة.