مقالات الرأى

اللواء مروان مصطفى يكتب : كواليس خلافات نتنياهو ووزير دفاعه وخططه الخبيثة للبقاء في السلطة

ما هو السر وراء الشكوى التي اثارها نتنياهو في مؤتمره الصحفي الأخير من عدم وجود قانون يتيح اخضاع الوزراء لجهاز كشف الكذب لضمان عدم تسريبهم لما يدور من مناقشات ووقائع خلال اجتماعات مجلس الوزراء ..؟؟ وما هي حقيقة وكواليس مشادته الحادة مع وزير دفاعه بشأن محور فيلاديلفي …وماهي خططه ونواياه الخبيثة والخفية التي يسوق العالم اجمع خلفه ليحققها .
لقد كشف الاجتماع الاخير لمجلس الوزراء الامني الكثير من خفايا الخلافات والنوايا الخبيثة التي يضمرها هذا النتنياهو ويمينه المتطرف .. وذلك وفقاً لما أمكن الحصول عليه من تسريبات لمحضر الاجتماع والتي تم ترجمتها :
في البداية.. عرض نتنياهو مجموعة من الخرائط التي اعدها الجيش لتقليص الوجود العسكري في محور فيلاديلفي واماكن انتشاره، وطلب التصويت عليها بالموافقه.. وهو بند لم يكن الوزراء علي علم به مسبقاً قبل الاجتماع .. وقد اعترض جالانت وزير الدفاع وطلب معرفة أسباب وضرورة التصويت ، مشيراً الي ان التصويت بالموافقة سيؤدى حتماً لفشل المفاوضات لان حماس ومصر لن يوافقا عليه.. مما سيؤدي بالضرورة لعدم اطلاق سراح الرهائن .
وقد رد نتنياهو بحدة ( هذا هو القرار) ، وأسرع رون ديرمر وزير الشئون الاستراتيجية بالبدء الفوري في اجراءات التصويت ..وعقب جالانت ( ان نتنياهو قد فرض رأيه علي الأجهزة الأمنية، وعلي الجيش وان تلك الخرائط لا تعبرعن رؤيتهم الحقيقة التي سبق ان اعلنوها بعدم جدوي احتلال ممر فيلاديلفي ) .. وهو ما دعا نتنياهو للصياح بعصبية ( انا فرضت ؟؟ ) .. فرد عليه جالانت ( بالطبع لقد فعلت ذلك ، وانت تدير المفاوضات بنفسك ، ونحن لا نعلم بالقرارات الا بعد صدورها والجيش والأجهزة الأمنية لديهم آراء مختلفة ).
وهنا ضرب نتنياهو بيديه علي الطاولة مقرراً بدء عمليه التصويت ثم تدخل رئيس الاركان وقال( ان الجيش سيعرف كيف يدخل أو يعود الي المحور مرة اخري اذا ما تطلب الامر ذلك وان هناك قيوداً كافية على المحور، ولا داعي لإضافة قيود اخرى ) .. كما تدخل مدير الموساد قائلاً ( انه لا يوجد اي منطق وراء الاصرار علي التصويت في الوقت الحالي ) ونظراً للإصرار علي بدء التصويت نظر جالانت للوزراء قائلاً ( عليكم ان تختاروا بين انقاذ الرهائن او البقاء في المحور ، وصاح بصوت عال(هناك رهائن احياء يجب انقاذهم ) فقام الوزير ديرمر بالرد عليه (ان رئيس الوزراء يستطيع ان يفعل ما يحلو له ) فرد عليه جالانت ( نعم يستطيع بالفعل ويمكنه أيضاً ان يقرر قتل جميع الرهائن) .. وبعد أن انتقد الوزراء جالانت لطريقة واسلوب تحدثه مع نتنياهو.. رد عليهم انه قرار يتعلق بحياة الرهائن ، وانه سيخضع في النهاية لمطالب السنوار.. فأسرع نتنياهو بالرد عليه ( انا لا أخضع للاملاءات من احد وسأبقي في فيلاديلفي ، وهذا ما سيجبر السنوار علي الاستسلام ).
ورأيت الاكتفاء بهذا القدر من التسريبات التي لها دلالات واضحة وتشير لحجم الاختراقات والتسريبات لمناقشات المجلس السرية ، وتوضح حجم الخلافات والتناقضات بينهم ، وتؤكد بما لا يدع مجالاً للشك ان انقاذ الرهائن الاسرائيليين ليس من اولويات تلك الحكومة التي فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق اي من أهدافها التي اعلنتها في بداية الحرب ..كما تؤكد أيضاً ان هناك مخططات خفية اخري ، ونوايا خبيثه لرئيس الوزراء لافشال المفاوضات واطاله امد الحرب لضمان البقاء في السلطة والافلات من المحاكمات المتوقعة .
وقد انكشفت مؤخراً تلك المخططات والنوايا الخبيثة التي يحاول نتنياهو اخفاؤها وصرف الانظار عنها منذ بداية الحرب وهي :
أولاً : اطالة امد الحرب واستمرارها، وشراء الوقت لحين انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية والرهان علي فوز ترامب بالرئاسة .. وهو الذي تعاطف بشدة مع نتنياهو اثناء مقابلته خلال زيارته الأخيرة لأمريكا، وما أعلنه ترامب مؤخرا من ان مساحة اسرائيل على الخريطة صغيرة ويجب توسيعها …ولذا فإن نتنياهو يسعي بكل السبل لافشال كافة جهود ومساعي الرئيس بايدن لانهاء الحرب واعادة الرهائن بما فيهم الأمريكيين .. حتي لا يحسب نجاحاً للحزب الديموقراطي ويقلل من فرص نجاح مرشحته الرئاسية.. ويزيدمن فرص نجاح ترامب وحزبه الجمهوري .
ثانياً : العمل علي استغلال فرصة تواجد الاساطيل الحشود العسكريه الأمريكية والبريطانية بالمنطقة ، واعلان التزامهم الكامل بحماية اسرائيل ضد اي اعتداء من اي من جيرانها .. ويرى انها الفرصة الانسب لافراغ غزة بعد تدميرها وابادة الكثير من سكانها.. والقيام بتدمير الضفة الغربية وإطلاق اليد الطولي لسكان المستوطنات بعد تسليحهم لارهاب الفلسطينيين وإطلاق العمليات العسكرية وتدمير البنية التحتية لمدن الضفه لاجبار سكان الضفة الهجرة للأردن.. بما يمكنه من القضاء على فكرة حل الدولتين، واعلان دولة اسرائيل الكبري وهو سيؤدي بالطبع لاعتباره احد الابطال العظماء لإسرائيل .. وهو ما يضمن له البقاء في السلطة وعدم المحاكمة .
ثالثاً : السعي بكل الطرق والأساليب لاشعال حرب اقليمية واسعة بالمنطقة من خلال توسيع نطاق الاستفزازات والتحرشات لايران ولحزب الله للحوثيين والتنظيمات العراقيه التابعه لايران لاجبارهم علي التهور والبدء بالحرب ، مما تضطرمعه امريكا والغرب للتدخل والانجرار اليها لحماية شعب اسرائيل والدفاع عنه .
رابعاً : يعتقد نتنياهو ان مصر كانت هي العقبة الأساسية لتنفيذ صفقة القرن التي كانت بمثابة الحل الامثل والانسب لخروج اسرائيل من مأزقها .. ولذا يجب عليها ان تدفع ثمناً غالياً لإفشالها لتلك الصفقة.. ويكون ذلك من خلال التعنت والاصرار علي تخطي خطوطها الحمراء ، والبقاء في محور فيلاديلفي والقاء اتهامات وهمية بوجود انفاق دون أي دلائل ، والسيطرة علي معبر رفح الفلسطيني لقطع صلتها بقطاع غزة لتحجيم دورها والاستغناء عنه فيما يتعلق بالمستقبل الفلسطيني .. أو لجرها للدخول في مواجهة عسكرية فشلت كل المحاولات السابقة في جرها اليها .

لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب

زر الذهاب إلى الأعلى