مقالات الرأى

صفوت عباس يكتب : ( الازمان المقارنه…. فاكر لما كنا…! )

في سياق احدي قصائده قال صاحب العبقريات “العقاد” رحمه الله
(كبيرا ود لو صغرا)
تري لماذا يود الكبير ان يعود صغيرا او بالاحري يود ان يعود الزمان لما كان عليه ايام كان صغيرا؟ . وتقول كلمات الاهزوجه الشعبيه بكلمات دارجه : (فاكر لما كنا لمه… جوه طشت بنستحمي… والحياه كانت بسيطه… والدولاب مسمار في حيطه).
الرائع صلاح جاهين اختصر الحنين لزمان في المفقود حاليا فقال:
هات لي العمر من الأول، وهات حبايبنا من تاني
وهات الجيرة والصحبة، وهات قلب مايسودش.
في فيلم “مولد يادنيا” غني عبد المنعم مدبولي منتحبا علي الزمان الانسان وانهي بقوله طيب ياصبر طيب اسقاطا بان مقارنه الان بزمان لاتستوجب الا الصبر الطيب.
ما ان ياتي ذكر زمان مضي حتي تستثار لدي اغلب الناس شجون عارمه تصل لحد الدموع والتنهد حسرةً علي زمان مضي، ومع تسارع الاحداث والتحولات الاسرع ومدي تفاعل الناس معها يكون لكل امد لزمانه مابين امس قريب وامس سحيق، لكن مع كل امس يستدعي الناس ذكريات كل شيئ سهل وصعب وكله افضل لديهم من اجمل شيئ بيومهم حتي ان كان زمانهم مشحون بالقله والمعاناه يجدون له عذرا بانهم كانوا بحاجات قليله والاهم رخيصه حتي ان فقرهم كان يتجاوزها وان مراكز اشتهاء كل شيء لم تكن موجوده لديهم وانهم كانوا لايمرضون وان مرضوا فشفائهم ياتي بعقاقير من من الطبيعه او بكوب شاي وقرص اسبرين وغطاء ثقيل يستحضر العرق فتزول السخونه والالم، ويذكر فقراء الناس انهم كانوا بعفه تمنعهم عما فوق قدرتهم وطاقتهم فلا يحسون له نقصا وان لهم به حاجه فكانوا يكتفون بالاستغناء.
ويذكر الجميع ان الان اصبح محملا بفواتير مدفوعه نقدا وارقاء وقلقا وكدا وصراعا وفي تلاحق لاينتهي يفقد من تيسر امره لذه ماتحصل عليه ويخرج من افتقر من دائره البهجه والسكينه والرضا وربما يخرجهم من دائره الحياه رغم انهم يتنفسون!!
مقارنه الازمان حاضره بقوه ولا سبيل لانكار (النستولوجيا) التي تعني حنينا مفرطا الي الماضي لدي الجميع واشد مايفتقده الناس في مقارناتهم هو (نضوب القيم) ويتباكون علي معلم قدير وطبيب انسان وتاجر امين وجار ودود وخل وفي وقريب ذو وصل. ومايذكرونه بألم ضياع التماسك واللحمه من مستوي العائله فما فوقها وان كل اصبح مشغول بنفسه في انانيه مفرطه وان التئم مع محيطه فليس بدافع الود لكن تحت ضغط وبدافع المصلحه ويتباكي الناس علي الادب والاحترام والتكافل والحياء والتدين الحقيقي الذين كانوا يسكنون زمانهم ورحلوا عنهم الان وذلك في حكايات تضج بغرابه ودراما او كوميديا مفرطه لمن لم يدركها.
ان يقارن الناس ازمانهم وفق المال والمتاع والسهل والصعب فذلك امر طبيعي لتطور الازمنه ولايحتاج لاسف شديد انما الاسف كله علي مجموعه القيم والاخلاق التي ضاعت تحت وطأه حركه الزمان والتي لايعيرها الناس نفس القدر مقابل امور ماغلا ومارخص وما تعسر او تيسر لان ضياع منظومه الأخلاق القديمه يهدد بتقويض اي جهد لاقامه حاضر جيد يصلح للبشر وربما يصلح للآلات.
وقليل من الناس ممن صفا لهم وقتهم يلعنون زمانهم الذي مضي وهم في نشوه نعمهم الحاضره.

زر الذهاب إلى الأعلى