مقالات الرأى

مختار محمود يكتب: حمَّالات الحَطب

ارتبط وصف “حمَّالة الحطب” بزوجة “أبي لهب”، كما ورد في سورة “المسَد”. “حمَّالة الحطب” المذكورة في هذه السورة هي: أروى بنت حرب بن أمية بن عبد شمس، زوجة أبي لهب بن عبد المطلب، عم النبي محمد ﷺ. عُرفت”حمَّالة الحطب” بتكريس حياتها لإيذاء النبي الكريم وصرف الناس مِن حوله. تُعتبر سورة “المسَد” آية باهرة من آيات الله؛ لأن الله أنزل هذه السورة، و”أبو لهب” وامرأته لم يموتا بعد، وأخبر أنهما سيُعذبَّان في النار، ومن لازم ذلك أنهما لا يُسْلِمان، فوقع كما أخبر عالم الغيب والشهادة.
ولسوء صنيعها..خَّلد القرآن الكريم ذكر “حمَّالة الحطب” وسوءَ عاقبتها في الدنيا والآخرة؛ حتى تكون عِبرة لغيرها. ومع تعاقُب الأيام والسنين والعقود والقرون..بقيت “حمَّالة الحطب”، ولكن مع إصدارات جديدة ونُسخ حديثة، تجمعها كراهية الإسلام بالسليقة، ويربطها التحريض عليه..تمامًا كما كانت تفعل “النسخة الأم”، قبل خمسة عشر قرنًا.
الإصدارات الأحدث لـ”حمَّالة الحطب” طوَّرت من أساليبها الذميمة، واستحدثت طرقًا أشد قبحًا للنيل من الإسلام: نبيًا ورسولاً، وقرآنًا وسُنَّة، وشرائع وشعائر، وصحابة وتابعين. بنات “حمَّالة” الحطب الأولى يتنطعن على كتب المستشرقين؛ يستخرجن منها ما يروق لهن من إساءة للإسلام، ثم يُعدن تدويره وتوظيفه في صياغات ممجوجة مدفوعة الأجر. تتنوع منتجات حمَّالات الحطب بين رواية ملفقة، أو خواطر شيطانية، أو دواوين شعرية مقطوعة الصلة بفن الشعر، أو مقالات مسروقة، أو مقابلات متلفزة رديئة.
حمَّالات الحطب يجدن دائمًا الدعم والاحتواء والتقدير والجوائز المادية والمعنوية؛ باعتبارهن رموزًا للتحرر والاستنارة وإعمال العقل. إهانة الإسلام أصبحت معادلاً مباشرًا للفطنة والذكاء والعقلانية والتحضر والرقي!
يتعاظم وجود حمَّالات الحطب في الدوائر الثقافية الرسمية وغير الرسمية وأستوديوهات الفضائيات؛ باعتبارها بيئة خصبة وحاضنة داعمة ومحمية محصنة لهن. عندما خاضت إحدى حمَّالات الحطب في سيرة النبي إبراهيم -عليه السلام- وجدت مَن يوفر لها الحصانة ويحميها من المساءلة والعقاب. وعندما سخرت إحدى حمَّالات الحطب من أحكام المواريث في الإسلام خرج مَن يرفعها فوق الأعناق. وعندما كتبت إحدى حمَّالات الحطب رواية ساقطة ظهر مَن يطالب بترشيحها لجائزة نوبل في الآداب. وعندما تقيأت إحدى حمَّالات الحطب ديوانًا شعريًا مسيئًا للإسلام طالب بعض المجاذيب بمنحها إحدى الجوائز الرسمية الرفيعة..وهكذا دواليك!!
حمَّالات الحطب يُسقطن الحدود –لا سيما حد الزنا-، ويسخرن من الحجاب، ويناقشن شرائع الله بعقولهن القاصرة، وينلن من المسلمين الأوائل، ويزدرين شعائر الله، ومن يُعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.
ماتت “حمَّالة الحطب” الأولى منذ خمسة عشر قرنًا، غير إنها تركت ذرية شيطانية تعيث في الأرض فسادًا وإفسادًا، وخرابًا وتخريبًا، وتكمل رحلة الإيذاء والكراهية والعدوان على الإسلام. ولكن كما توعد الله حمَّالة الحطب الأم بسوء العاقبة، فإنه توعد أيضًا كل من تسول له نفسه الشائهة بإيذاء الإسلام والعدوان عليه بقوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا”..مهلاً آل حمَّالة الحطب؛ فإنَّ موعدكن النار وبئس المصير.

زر الذهاب إلى الأعلى