مدحت عطا يكتب : الطلاق النفسى حلال بالأتفاق
تنتشر فى البيوت المصرية هذه الحقبة من الزمن السلبى ظاهرة مُبتدَعَة يُطلق عليها الطلاق النفسى أو العاطفى أو الصامت كما يُحلو وصفه أحياناً من بعض الناس ومعناه هو طلاق ولكن ليس بمفهومه القانونى فهو لايصدر من قاضى ولاتتدخل فيه محكمة ولكن له نفس مرارة الطلاق القانونى أو ربما أكثر فالمحكمة هى البيت وأركانه والحكم لقاضيان الزوج والزوجة ففى الطلاق الصامت تكون جلاد نفسك ومعاقبتها وتحكم على نفسك فى محكمة بيتك بالموت وأنت على قيد الحياة أو الاكتئاب النفسى على الأقل فأنت القاضى والناطق بالحكم و بيتك سجنك الأبدى ومقصلتك هى قرارك فى الإنفصال النفسى عن زوجتك أو زوجك…!!!
وقد عَرف الشيخ سعد الحقبانى وهو قاضى سعودى ومستشار أسرى الطلاق العاطفى هو هجر الزوج لزوجته سواء كان هجراً فى العلاقة العاطفية أم هجراً فى المحادثة وفقدان المودة والسكن النفسى بين الزوجين مع قيام الزوج بالحقوق الزوجية الأخرى كالنفقة وتأمين السكن بحيث يظهر للناس استقامة العلاقة الزوجية ولكن فى الواقع هم على خلاف…!!!
وتتعدد أسباب الطلاق الصامت أو النفسى إلى عدة أسباب معظمها أختيارية أى ليس قهرية (أجبارىة) وهى إكتشاف صفات غير مناسبة بين الزوجين والرتابة والروتين القاتل للعلاقة وخاصة العلاقة الشرعية ونمو مرحلة الأنانية والمصالح بينهما وأختلاف الأفكار والرؤى بين الزوجين وفقدان الرغبة والشغف فى إكمال العلاقة الزوجية وأستكمالها من أجل الأولاد أو من أجل المظهر الأجتماعى وضعف الثقة والتواصل الجيد بينهما لأختلاف الثقافة أو التعليم وأيضاً التوغل البيِن من أُسر كلا الطرفين فى حياتهما بصورة شاذة ومنها الفتنة المنظمة بينهما وأخيراً سيطرة السلبية والشك فى كل التصرفات الزوجية والإجتماعية سواء أكانت مخفية أو ظاهرة داخل الأسرة…!!!
وللطلاق النفسى علامات تظهر جلية من خلال التصرفات والفعل ورد الفعل وهى عدم وجود أعمال مشتركة بين الزوجين والإحساس بالبعد أى الشعور بأن الطرف الآخر هو شخص غريب والأنتقاد الدائم بمعنى نقد شريك الحياة بأستمرار دون مبرر قوى وأيضاً لا إهتمام بالمشاعر أى عدم الإهتمام بما يُحب ويكره الطرف الأخر والبخل فى المشاعر تجاه الطرف الآخر وذلك بنية القصد…!!!
وللطلاق الصامت عدة تأثيرات لكلا الطرفين أهمها يمكن أن يؤدى الطلاق إلى موجة من العواطف السلبية التى قد تؤثر تأثيراً عظيماً على الصحة العامة وبما فى ذلك الحزن والأسى والغضب والقلق ومشاعر الخسارة ويمكن أن تكون نهاية العلاقة المهمة مرهقة عاطفياً وجسدياً وقد يحتاج الأفراد إلى الوقت والدعم لمعالجة هذه المشاعر الشديدة والتى قد تذهب بأى منهما إلى طبيب نفسى لمعالجة ماتم لهما من أثاره…!!!
وأوضح الشيخ الوردانى أمين عام الفتوى بدار الأفتاء المصرية أن هذا الأمر جائز وليس حراماً بشرط أن يكون الطرفان متفقين على هذا أما إذا كان أحدهما يرغب فى حقوقه الزوجية والآخر يرفض فإن الانفصال دون طلاق يكون حراماً وأردف قائلاً “بالنسبة للحكم الشرعى فالانفصال توافقاً جائز لكن العلاقة تكون علاقة مشوهة غير رشيدة لكنها ليست باطلة”
ولذا الإسلام يقول يجوز للزوج والزوجة إذا لم يتوافقا تمام التوافق فى حياتهما الزوجية أن يصطلحا فيتنازل كل منهما عن حقوقه وتظل المرأة في عصمة زوجها لا يطلقها (الطلاق النفسى) والدليل على ذلك قوله تعالى ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ)
ولكن فى نهاية مقالى فالواجب على الزوجين أن يتقيا الله فيما بينهما وأن يجتهدا فى أن يصلحا بينهما قدر الممكن وأن يتقيا الله فى أولادهما وفى أسرتهما ولا يعرضا الأسرة للشتات والأولاد للضياع لا سيما إذا كانت الأسرة فى بلاد غربة مثلاً وكانوا يعيشون ظروفاً أستثنائية فهذا يجب على كل من الطرفين أن يتحمل مسؤوليته ويتنازل عن بعض حقه وبعض ما يأمل فى الآخر من أجل أن يتمكنا من المسير بأقل قدر ممكن من الخسائر وفى حدود الشرع والدين فلذا فإن الطلاق الصامت أو النفسى أو العاطفى هو حلال واضح بشرط أتفاق الطرفين…!!!
وإلى مقالة أخرى دمتم بخير وسعادة…!!!