عبد المعطى أحمد يكتب: السادات سبق عصره
مع انتهاء شهر الانتصارات أتذكر أنه كان للرئيس الراحل أنور السادات أدوار مهمة وأساسية فى حرب أكتوبر برؤيته الثاقبة فى كل الأحداث, وكان بالفعل سابق لعصره فى تفكيره عندما وافق على قرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار رغم معارضة معظم القادة العرب, لكن الرئيس السادات أصر على قراره بعد تأكده بتدخل الولايات المتحدة الأمريكية فى الحرب وإنشائها جسرا جويا لمد العدو الإسرائيلى بالأسلحة الحديثة داخل سيناء لإيقاف الهزائم المتتالية للجيش الإسرائيلى بعد أن حقق الجيش المصرى انتصارات عظيمة على كل الجبهات.
وبعقلانية يحسد عليها رفض الرئيس السادات الدخول فى حرب ضد أمريكا, وذلك للحفاظ على الانتصار العظيم الذى حققته القوات المسلحة داخل سيناء, وأثبت الرئيس السادات للجميع بعد ذلك أن تفكيره سابق عصرهم بمراحل.
وقبل قرار وقف إطلاق الناربعدة أيام حدثت معركة شرسة وعنيفة عند المزرعة الصينية, وحاول العدو الإسرائيلى أثناء الحرب إيجاد “ثغرة” لاختراق القوات المصرية عبر المنطقة الواقعة بين الجيش الثانى والجيش الثالث الميدانيين للوصول للضفة الغربية, ولكن ذكاء وتخطيط المشير محمد حسين طنطاوى رحمه الله قائد الفرقة التى تصدت للقوات الإسرائيلية تجلى عندما قرر وقف إطلاق النار تماما لإغراء قوات العدو على التقدم, وبالفعل تقدمت القوات الإسرائيلية حتى أصبحت فى مرمى نيران القوات المصرية, وفور تقدمها حاصرها المشير طنطاوى, وكبد العدو خسارة نحو 70 دبابة و500قتيل, ووصفت المعركة بأنها أكبر معركة دبابات خلال حرب أكتوبر, وانتشرت عبر مواقع التواصل صورة نادرة لإريل شارون وهو يبكى فى حالة ذهول بعد خسارته المئات من جنوده أمام الفرقة التى كان يقودها المشير طنطاوى.
- على الرغم من حجم التحديات التى تواجهها مصر والتى أفرزتها أزمات عالمية متعاقبة, إلا أن مصر لم تسمح يوما لهذه التحديات أن تثنيها ولو قيد أنملة عن ثوابتها الراسخة فيما يتعلق بسياستها الخارجية, تلك الثوابت التى ارتبطت عبر التاريخ بمصر, مصر المكان والمكانة, مصر الكنانة, فمهما كانت درجة التغير والتحول التى وصلت إليها خريطة العالم الجديد, ومهما بلغت وتيرة الأحداث تسارعا, واشتدت العواصف والأعاصير السياسية والاقتصادية والاجتماعية على مسرح الكرة الأرضية, ومهما بلغ تسارع واشتد كل هذا إلا أن مصر تتعامل بثوابتها الراسخة وأمام عينيها الحفاظ على أمنها القومى والمصالح العليا للبلاد, والأمن القومى العربى جزء لايتجزأ من الأمن القومى المصرى, ودعم الأمن والسلم الدوليين.
- الآن وبعد الاحتفال بمرور 50 عاما على انتصار أكتوبر المجيد لم يصنع(بضم الياء) فيلم مصرى يرتقى للاحتفال بهذه المناسبة, فكل الأفلام التى أنتجت كانت حماسية فى وقت النصر, لكنها لم تكن لائقة لاعلى مستوى القصة ولاعلى المستوى الفنى مقارنة بالأفلام التى أنتجت عن الحروب فى السينما بوجه عام, والآن وبعد التقدم التكنولوجى على كل المستويات التقنية بالنسبة لصناعة الفيلم, وبعد مرور 50 عاما وقرأنا وعرفنا الكثير من القصص البطولية المصاحبة لحرب أكتوبر مثل قصة هدم الساتر الترابى لخط بارليف باختراع من المهندس باقى زكى وكيف كان لهذا التفكير تأثيره على مجريات الحرب, وأيضا طريقة تحديد ميعاد الحرب فى الثانية ظهر السبت برغم الصيام, وهناك الكثير من البطولات الملازمة للحرب التى سطرها الجندى المصرى بجوار الضباط, فلماذا حتى الآن لم نر فيلما كبيرا يليق بهذه الحرب المجيدة؟
- بمجرد نشوب أزمة غزة, سارعت الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال حاملات الطائرات الأكبر فى أسطولها إلى المنطقة, وأرسلت أيضا وزير خارجيتها الذى أعلن انحيازه الكامل للرواية الإسرائيلية وروج لكل أكاذيب نتنياهو معلنا أنه جاء كيهودى وليس كوزير خارجية أمريكا , ومتحدثا عن زوج أمه الذى نجا من مذابح هتلر التى يراد لشعب فلسطين أن يدفع ثمنها بلا ذنب, ويبدو أن مهرجان النفاق الدولى سيستمر طويلا, وتستمر معه إسرائيل فى ارتكاب جرائم الحرب بمباركة من بدأوا المأساة ومازالوا مصممين على استكمالها.
- يلح على ذهنى سؤال حول الحرب الروسية الأوكرانية وهو:ماهى النقطة التى يمكن إذا بلغها الطرفان يشعر كل منهما بالحاجة إلى التوقف عن التصعيد واختيار السلام والحياة بدلا من الاستمرار فى حرب تقود إلى الفناء؟
- الشعوب لاتحيا بالطعام والشراب فقط, ولكن بعشق أوطانها, وأوتار العشق تنتظر من يعيد العزف عليها.