مقالات الرأى

أمجد مصطفى يكتب: لا مساحه للتشابه بين “عبد الوهاب” و “منير”

بقلم . أمجد مصطفى

كتب الناقد الفنى طارق الشناوى فى جريدة المصرى اليوم، أمس مقالة بعنوان «عبدالوهاب» و«منير» فى ليلة واحدة،و عقد ما يشبه المقارنة و مفردات التشابه بين موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب و المطرب محمد مؤكدا ان قطاع الإنتاج الثقافى برئاسة د. خالد جلال هو صاحب اقتراح الجمع بين عبدالوهاب ومحمد منير في ليلة واحدة،وهى ليلة الاحتفال بنصف قرن على انتصار العاشر من رمضان”حرب اكتوبر المجيدة”.
و طرح الاستاذ طارق سؤال ما الخط السحرى بين عبدالوهاب ومنير؟و عدد اوجه التشابه بين “موسيقار الاجيال” و”منير”.و أتمنى ان يسمح لى استاذنا طارق الشناوى بالأختلاف معه فى كثير من الامور المتعلقة بما كتبه.
فى البداية لا يفهم كلامى بشكل خاطئ انا من عشاق صوت محمد منير،وكنت ومازالت من اكثر الداعمين له منذ ان عملت بالصحافة ومنير نفسه يعلم ذلك وعلاقتى به جيده و تعود الى ربع قرن تقريبا،أى اننى عاصرت نصف مشوار منير على الهواء مباشرة وليس عبر وسيط،كنا نتناقش فى امور كثيرة متعلقى بالغناء بصفة عامة،وصولا الى استطلاع وجهة نظرى فى بعض ما يختار من اعمال،وهو بالنسبة لى من المطربين المقربين الى قلبى،وهو فى حد ذاته مدرسة غنائية لن تتكرر.
لكن مقارنته بالموسيقار عبد الوهاب فيها ظلم كبير للثنائى،لان موسيقار الاجيال لا يقارن بأحد من غير أبناء جيله،عبد الوهاب يقارن بمحمد القصبجى ، رياض السنباطى،كملحن فقط اما على المستوى الفنى ككل كمطر وملحن ومؤلف موسيقى فهو لا يقارن بأحد،عبد الوهاب كان مبتكر،تمتع بجمل لحنيه سابقة لعصورها بمئات السنوات،قدم كل الاشكال العاطفى والوطنى والاجتماعى،و السياسى بشكل ابداعى لا يتكرر،عبد الوهاب كانت الحانه بمثابة سيمفونيات متكاملة الاركان،لذلك لا يغنيها أى صوت،أعمالة كانت تحتاج الى صوت بمواصفات خاصة،ناهيك عن اختيارة لكلمات اعماله،موضوعات،وقضايا ومفردات لم يقدمها غيره،اغلب اعماله شارك فيها كبار كتاب الكلمة،و كان اكثرهم ان لم تخوننى الذاكرة حسين السيد،ابرز من كتب الاغنية من وجهة نظرى المتواضعة جدا،عبد الوهاب لم يغنى يوما مفرد او معنى سئ.
عبد الوهاب لم يكن فنان مصنوع،لانه مبتكرا،و صفة الابتكار لا تتوافر الا فى بعض الملحنيين والمؤلفين و الموزع الموسيقى،لانهم يخلقون شئ من لا شئ،أما أى مطرب مهما كان صوته فهو فاترينة عرض للعمل الذى ابتكرة الملحن،الملحن مبتكر لأنه اعطى لنا نغم من العدم،وهنا لا اقصد كل الملحنيين،اقصد الكبار فقط،وليس من ينتهكون حرمة الالحان التى قدمها الكبار وينسبونها لانفسهم.
اما كمطرب اعتقد ان مصر لم تنجب أهم منه من حيث الامكانيات الصوتية وعمق الاداء،وتفرده،كان صوت يتمتع بتكنيك خاص،واداء لا يقارن بأحد.
على مستوى الاختيار و الابتكار فهو عبد الوهاب الذى غنى شعر أحمد شوقى ومحمد يونس القاضى و احمد رامى و امين عزت الهجين وبيرم التونسى و بشارة الخورى وايليا ابو ماضى و صالح جودت ومحمود حسن اسماعيل وعلى محود طه ومأمون الشناوى و حسين السيد واخرين.
و هو الصوت الذى قدم الجندول و كليوباترا و نشيد الجهاد و اخى جاوز الظالمون المدى”فلسطين”،و الفن و دمشق و النيل نجاشى و الكرنك ومصر،ويا جارة الوادة وهمسة حائرة و فى الليل لما خلى،والصبا والجمال و عندما يأتى المساء،و علموه كيف يجفو وكروان حيران و مجنون ليلى و محلاها عشت الفلاح و يا دنيا يا غرامى،و دعاء الشرق،ويا نسمة الحرية،و النهر الخالد الى جانب اعمال مثل اجرى اجرى و كل دا كان ليه و و خى خى بفكر فى اللى ناسينى و عاشق الروح الخ من مئات الاعمال المحفورة على جدران قلوبنا و فى كتب التاريخ.
عبد الوهاب هو مؤسسة فنية هو المطرب و الملحن و صانع النجوم و المنتج الذى قدم اصوات هامة من خلال شركته كما قدم للسينما عدد من الافلام.
عبد الوهاب هو النهر المتجدد والخالد وهو البحر الذى لا تنزله مرتين لان مياهه تجد باستمرار.
عبد الوهاب هو صاحب الجائزة التقديرية في الفنون 1971،الدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون 1975.،رتبة اللواء الشرفية من الجيش.،نيشان النيل من الطبقة الخامسة.،الميدالية الذهبية من مهرجان موسكو.،جائزة الجدار،وسام الاستقلال.1970.،وسام الاستحقاق السوري 1974.
القلادة الأولى من الأردن،قلادة الكوكب الأردنية 1970،الوشاح الأول من الرئيس بورقيبة،الوسام الأكبر العمانى 1984،وسام الكفاءة المغربى،وسام الاستقلال الليبى، وسام الاستحقاق من الرئيس جمال عبد الناصر،وسام الأرز اللبنانى من مرتبة “كوماندوز”،لقب “فنان عالمى” من جمعية المؤلفين والملحنين في باريس نظرا لانتشار اعماله و تحقيقها ارقام قياسية فى حجم الاداء العلنى او المبيعات عام 1983،دبلوم وميدالية ذهبية من معرض تولوز الفنى بفرنسا 1962،الإسطوانة البلاتينية 2 فبراير 1978.
لذلك تبدو المقارنة صعبة،نعم لا احد ينكر ان منير استمر نجما قرابة النصف قرن وهو أمر لا يتحقق كثيرا لمطرب عربى،لكن منير كان صوتا عبر عن ابدعات افكار ملحنين و مؤلفين،هو نتاج فكر يحيى خليل،وترجم الحان هانى شنودة و احمد منيب و كمال الطويل و محمد الموجى،ومنح كلمات عبد الرحيم منصور والابنودى و احمد فؤاد نجم مساحة جميلة من التعبير.
نعم ليلة الاحتفال جمعت بين اسمين كبيرين،لكن ليس معنى هذا ان نخلق بينهما مقارنة.
**فى النهاية كنت اتمنى من منظمى الحفل تكريم كل من قدم عمل عن النصر العظيم (رمضان – اكتوبر 73) ،من رحل و من على قيد الحياة.

زر الذهاب إلى الأعلى