محمد أمين المصري يكتب : قريبا سيقرأ العالم قصة الفدائية “فداء” النابلسية!

في عام 2001، قتل الجيش الإسرائيلي المواطن الفلسطيني الشرافي وهو في طريقه الي مستشفي بنابلس ومعه بسيارته زوجته ميسون الحامل في الدقائق الأخيرة قبل الولادة، وكان معها بالسيارة أيضا والده الذي أصيب بطلق ناري ولكنه لم يؤد الى وفاته..إدعى الجيش الإسرائيلي أن حادث إطلاق السيارة سيتم التحقيق فيه خاصة وأن الفلسطينيين أكدوا في شكاوى كثيرة للعالم وقتها أن الحادث متعمد، خاصة وأن السيدة ميسون الشرافي حامل وأي شخص كان باستطاعته التأكد من ذلك حيث توجد مجندات سيدات إسرائيلية في الكمائن العسكرية كان بمقدورهن التأكد من حمل الزوجة وأنها على وشك الولادة.
مات الزوج وتم علاج والده وذهبت ميسون في نهاية الأمر الى المستشفى لتلد طفلة أسمتها “فداء”، لتكون فداء لفلسطين الوطن الكبير ولتأخذ بثأر والدها الذي لم يراها ولم تراه حين جاءت للدنيا.
أقسمت ميسون على ألا يمر حادث مقتل زوجها هدرا على أيدى إسرائيليين رعناء وجبانة، فتعهدت أن تسترد مولودتها “فداء” حق الأب الغائب.
ربما لم يصدق الإسرائيليون ما أقسمت عليه ميسون، ولسان حالهم يقول إن الابنة فداء ستنسى الحادث بعد مرور الوقت، وأن الأم ستنسى أيضا قسمها، ولكن الحقيقة أن ميسون لم تنس الوعد وكذلك فداء التي تتمسك بما أقسمت عليه والدتها لحظة ولادتها.
ونحن في انتظار أن تشب فداء وتدرك الأمور جيدا حتى تضع خطة الانتقام لوالدها، ذكرتني صديقتي المقدسية دوريس فرنجيه بحكاية صاحب عملية النبي يعقوب في القدس قبل أيام، وأرسلت لي مقالا منشورا بصحيفة القدس العربي عن الفدائي خيري علقم – 21 عاما – هو حفيد المواطن المقدسي خيري علقم الذي مات شهيدا مطعونا بالسكين من قبل المستوطن الإسرائيلي المدعو حاييم فلنرمن عام 1998، الذي دافع عنه وقتها المحامي آنذاك إيتمار بن غفير اليميني المتطرف الذي يتولي حاليا منصب وزير الأمن القومي زعيم حزب “الصهيونية الدينية”.
ولعلي أشكر الصديقة دوريس وكاتب المقال خيري خوري الذي تذكر قصة الشهيد خيري علقم وكتب عنه ليذكر الفلسطينيين والإسرائيليين به..فبعد 25 عاما فوجئ الإسرائيليون أن منفذ عملية النبي يعقوب هو حفيد الشهيد خيري علقم الجد الذي اغتالوه ظلما وعدوانا، علقم الابن قتل 7 إسرائيليين في مستعمرة النبي يعقوب بمسدسه قبل أن يسقط بالرصاص الإسرائيلي.
وبعد ربع قرن من استشهاد خيري علقم الجد، عاد اسمه للوجود مع انتقام حفيده له في عملية نوعية، فأن يتمكن شاب بمفرده من قتل 7 مستوطنين يهود فهذا أمر عجيب، خاصة وأن المستوطنين غالبا ما يكونوا مسلحين جيدا ولا يتحركون سوى بأسلحتهم، فهم جبناء ويعلمون جيدا أن يسيرون في الهواء، فالأرض ليست ملكهم وإنما مغتصبة.
المؤكد للإسرائيليين في الوقت الراهن، أن الانتقام الفلسطيني ربما يطول ويأتي بعد حين، ولكنه يأتي ويكون انتقاما قويا، فبعد 25 عاما يتذكر الشاب خيري علقم وفاة جده غدرا، فيسارع في الانتقام له، 7 إسرائيليين مقابل فلسطيني، هذه عملية نوعية سيدرسها الإسرائيليون بجدية ولن ينسوها أبدا، وربما يرجعون للأرشيف ومراجعة حوادث قتلهم الفلسطينيين ومراقبة أحفاد هؤلاء الشهداء، مثل حالة ميسون التي أقسمت بأن تنتقم ابنتها فداء لوفاة والدها قبل ولادتها بوقت قليل برصاص إسرائيلي غادر.
22 عاما مروا على وفاة والد فداء، والمؤكد أن والدتها أرضعتها حب الوطن الفلسطيني، ولم تنس أكيد أن تفطمها على أن تأخذ بثأر زوجها، فالاحتلال الإسرائيلي يقابله المقاومة الفلسطينية وهي لن تنتهي بوقت، إلا بتحرير الوطن من مغتصبيه حتى لو بعد حين، فهذا هو الوضع الطبيعي لأي محتل، وأحداث التاريخ تكفي لتبيان ذلك جيدا للإسرائيليين ومن يشجعهم في ظلمهم وقمعهم. فالمقاومة الفلسطينية باقية طالما بقيت القضية معلقة، فالشباب الفلسطيني لن يهدأ إلا وأرضه محررة من البحر للبحر وليس حدود اتفاق “غزه – أريحا أولا”، فالاتفاق أصبح من الماضي ولا لزوم له لدي شباب عاهد تراب وطنه علي تحرير من دنس الاحتلال.
الإسرائيليون الذين يجيدون الاحتفاظ بالتاريخ، يواجهون شبابا يحفظ التاريخ في قلوبهم وليس في أرشيف ومتاحف.
فلسطين لفلسطين وليس لشعب آخر، فمن جاء غازيا ومستوطنا سيرحل حتى ولو بعد حين، فالأرض لا تقف إلا مع صاحبها وتاريخها، حتى لو أريقت عليها مئات الأطنان من دماء الشهداء، فالدماء خير شاهد على بصمة الأرض الفلسطينية .
وقريبا سيقرأ العالم قصة الفدائية فداء النابلسية ليتذكر الجميع كيف مات والدها برصاص إسرائيلي غادر وجبان، والجبان أيضا من يشجع الاحتلال على القمع والقتل والتشريد.