مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب: أين ذهبت عظمة المصريين في الأزمات؟

منذ ألاف السنين لازمتنا العظمة وارتبطت بنا وأصبحت جزءا أصيلا من شخصيتنا ، وتجلت في مراحل التاريخ المصري وتنوعه ما بين العصور والحقب الزمنية المختلفة ، وظهرت عظمة المصريين في الأزمات والحروب المختلفة وتبارى الشعب المصري في التعبير عن عظمته في مواجهة الأزمات والمحن والشدائد وتشاركت كل الفئات على اختلاف تنوعها الفني والثقافي والطبقي في تناغم وتناسق في التعبير عن عظمتها في الوقوف مع بلادها ومساندة بعضهم البعض حتى تمر الأزمات والمحن بسلام حدث ذلك في السنوات الماضية وكثيرا ما افتخرنا بالحفلات الفنية لدعم المجهود الحربي والكثير من صور التضامن والتكافل المختلفة ولكن ما يحدث الأن من فوضى عارمة تضرب الأسواق والأخلاق من احتكار للسلع وزيادات مستمرة غير منطقية وممارسات تجارية منفلتة واندفاع الكثيرين إلى الهروب من مواجهة الأزمات بأخلاقيات وسلوكيات المصري العظيم واستبدالها بسلوكيات الانتهازية ومحاولة التكسب على حساب احتياجات المواطنين وتكالب بعض فئات الشعب على بعضها البعض في بعض المهن العلمية والإنسانية والوظائف المالية يدفعنا إلى أن نتساءل أين ذهبت عظمة المصريين التي كنا نتغنى ونتفاخر بها بيننا وبين أنفسنا وبيننا وبين الشعوب الأخرى ؟ يدفعنا إلى أن نتساءل اين ذهبت أخلاقيات وقيم المصريين في الوقوف بجانب بعضهم البعض في الأزمات والمحن والشدائد؟ يدفعنا إلى أن نتساءل ما الذي حدث للمصريين وجعلهم يتكالبون في الحصول على المكاسب المادية بأي وسيلة وبأي مكاسب دون النظر إلى مراعاة الظروف الاقتصادية التي تضرب العالم كله وتشمل بلادهم وتدفعهم إلى أن يقفوا مع بعضهم البعض في محاولة التخفيف من أثار هذه الأزمات الاقتصادية العالمية؟ يدفعنا إلى أن نتساءل كيف تبدلت أخلاق المصريين وعظمتهم من مؤازرة بعضهم البعض والوقوف بجانب بلادهم إلى المحاولات المستمرة بالتجارة بالأزمات وبحاجة المواطنين إلى السلع الاستهلاكية المختلفة؟ يدفعنا إلى أن نتساءل عن الأسباب التي حولت المصريين ودفعتهم إلى إخفاء السلع واحتكارها ورفع ثمنها وهي موجودة في المخازن منذ فترة طويلة وبأسعار مخفضة؟ يدفعنا إلى أن نتساءل كيف تحولت ممارسات الشعب المصري في البيع والشراء إلى ممارسات قاسية بشعة تبحث فقط عن الربح المادي السريع دون النظر إلى أية أبعاد اجتماعية أو أخلاقية أخرى؟ تدفعنا إلى أن نتساءل كيف تحولت بعض فئات الشعب المصري إلى حالات من الاستغلال المركب حيث كل فئة تعمل في مجال أو تخصص معين تستغل الطبقة الأخرى التي تحتاج إليها دون الوقوف أو النظرة العامة إلى الأحوال العامة للبلد وللمواطنين حتى أصبح الشعب المصري يتاجر في بعضه البعض.
قد يكون من الأسباب التي تدفع إلى انتهاج مثل هذه السلوكيات الخاطئة غياب المنظومات الرقابية الحكومية المختلفة وقد يكون منها عدم فاعلية التشريعات القانونية السريعة والحاسمة والتي تواجه مثل هذه السلوكيات البغيضة ولكننا بلا شك أمام مشكلة أخلاقية واجتماعية كبيرة تظهر في مواجهة الأزمات التي تمر بها البلاد حاليا وكأن هذه الأزمات الاقتصادية كشفت سوءات المصريين عند تعاملهم في البيع والشراء وتكالبهم على تحقيق الثراء السريع والبحث عن المكاسب السريعة وتناسيهم لدورهم الوطني والأخلاقي في الوقوف بجانب بعضهم البعض وبجانب بلادهم . ونحن هنا أمام مشكلة حقيقية يغلفها الخوف والفزع وعدم الثقة في التعامل مع أطراف المنظومة المختلفة نحن هنا أمام مشكلة كبيرة تدفعنا إلى أن نتساءل كيف لنا أن نكون مؤمنين ببلدنا واثقين في قياداتها وحكومتها وسلوكياتنا تتنافي تماما مع كل هذا إننا وبكل ما يحدث من ممارسات احتكارية وانتهازية متعددة تدفعنا إلى الوقوف والبحث عن الأسباب الحقيقية التي تدفع المصريين إلى أن يتخلوا عن عظمتهم في مواجهة المحن والشدائد والمتاجرة ببعضهم البعض نحن أمام مشكلة كبيرة يجب أن تدفع مراكز الأبحاث المختلفة إلى البحث والتقصي ومحاولة إيجاد حلول سريعة وحاسمة للرجوع بالمصريين إلى سلوكياتهم الرشيدة ووضعهم على الطريق الصحيح وتصحيح بوصلتهم ورؤيتهم ودفعهم إلى النظر في مصلحة بلادهم والإحساس ببعضهم البعض تدفعنا جميعا إلى البحث عن التطبيق الحقيقي لمفهوم الدين وسلوكياته وقيمه وأخلاقه عند تعاملنا مع بعضنا البعض في البيع والشراء وجوانب الحياة المختلفة. تدفعنا إلى البحث عن القيم الأخلاقية والرسائل الإنسانية السامية لمهن تخلت عن ذلك مقابل البحث عن الثراء السريع تدفعنا إلى البحث عن المعنى الحقيقي والتطبيق العملي لمفهوم حب الوطن تدفعنا إلى البحث عن عظمة المصريين في المحن والشدائد تدفعنا إلى أن نعيد المصريين إلى عظمتهم وأن نعيد العظمة للمصريين

زر الذهاب إلى الأعلى