مدحت عطا يكتب : درنه وحَدَت الموَتى والدولة
درنة المدينة الليبية المشئومة تقع على ساحل البحر المتوسط شمال شرق ليبيا درنة التى يقطنها نحو 120 ألف نسمة يصفها بعض المؤرخين بخزانة التاريخ الليبى ودليل لحمايتها ووحدتها وتشهد مقبرة الصحابة فيها على إحتضانها الليبيين من قبائل الشرق والغريانى والتاجورى والمسلاتى والمصراتى والفزانى بل وأحتضنت المصرى والتونسى والبرناوى من قبائل البرنو العربية والقريتلى وهم ليبيون أصولهم من جزيرة كريت التى كانت تتبع الحكم العثمانى حينذاك…!!!
وهذه المدينة المنكوبة قد أصابها أعصار دانيال الذى قضى على أكثر من ثلث منازل المدينة ومحاها من على الارض بما فيها من بشر تماماً كما ذكرت وكالات الأنباء العالمية وحصدت أرواح مايزيد عن أحدى عشر ألف قتيل أو أكثر بخلاف المفقودين من أهلها ومازال البحث عنهم براً وبحراً وخاصة إن هناك مبانى كاملة بداخلها ذويها جرفتها السيول إلى عرض البحر المتوسط..!!!
هذا الإعصار الملعون والمدمر قد أخرج من بطنه أسوء مافيه سيول جارفة أخذت أمامها الأخضر واليابس فى كارثة وقف العالم كله فى ترقب وذهول وخاصة الدول العربية الشقيقة التى هرعت فى تقديم كل المساعدات على كل المستويات وبجميع الوسائل وكان هذا لا يكفى حيث إن الكارثة كانت أكبر من قدرات دول بعينها بل فاقت هذه الحدود وكان لابد من تدخل المجتمع الدولى كله وبجميع إمكانياته…!!!
والواضح إن هذه النكبة قد وحدت الموتى فى القبور من ليبيين ومصريين وكانت فاجعة كبيرة ألمت بأهالى قرية الشريف التابعة لمركز ببا بمحافظة بنى سويف فى صعيد مصر حيث قضى العشرات من أبناء القرية المصرية حتفهم جراء العاصفة دانيال في ليبيا بينما لا يزال عشرات آخرون فى عداد المفقودين نتيجة السيول التى جرفت هؤلاء مع أصحاب البلد الليبين حيث يتواجد هؤلاء معهم من أجل بناء ليبيا وغير المصريين الكثير من الجنسيات العربية منها التونسية والجزائرية والسودانية والتى جمعتهم مقبرة واحدة لسرعة الدفن وعدم وجود أماكن خاصة لكل جثة كما قيل وهكذا الكارثة وحدت الموتى من الجنسيات المختلفة فى مقابر جماعية.!!
والذى ألم القلب وعصره هى وفاة خمسة أفراد من فرق الإنقاذ اليونانية فى حادثة سير مع أسرة ليبيا والتى نجت من السيول وماتت فى الحادثه سبحان الله وأما اليونانيين كانوا هدفهم إنقاذ الأحياء من جراء هذه الكارثة ولكن لقوا حتفهم مع من مات فى درنه…!!!
ومن الواضح إن هذه الكارثة قد وحدت دولة وشعب مزقتهم الحروب والاختلافات السياسية بين القبائل الليبية حيث إن ليبيا مجتمع قبلى ويقطنه عدة قبائل تتعدى نسبة ٨٣٪ من القبائل معظمها عربية ومن أشهرها قبيلة القذاذفة ومن أقدمها قبيلة الليبو والتى يقال فى بعض قواميس التاريخ بأن ليبيا أُشتقت من أسمها وهذه القبائل المتناحرة على السلطة وتقسيم ليبيا هذه الكارثة الإنسانية جمعتهم بل وحدتهم وقدموا النفيس والغالى فى شأن إنقاذ ذويهم وأقاربهم فى درنة المنكوبة…!!!
ونخلص من هذه الفاجعة المدوية بالآية القرآنية العظيمة قال تعالى”إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غداً وما تدرى نفس بأى أرض تموت إن الله عليم خبير”
وهذا يجعلنا نقول ليس أحد من الناس يدرى أين مضجعه من الأرض فى بحر أو برّ أو سهل أو جبل فأن الله أعلم وأعظم وكل شئ عنده بمقدار وعليه يتوكل المتوكلون…!!!
والى مقالة أخرى دمتم بخير وعافية