مقالات الرأى

محمد أمين المصري يكتب : وعاشت أمريكا لإسرائيل!

لم يكن الهجوم الإيراني على أهداف إسرائيلية ليل السبت\الأحد الماضي مجرد حدث عادي، فهو أمر جلل مهما كانت نتائجه، عظمت أو قلت، المهم أن إيران فكرت في شن هجمات بنفسها بدول وكلائها ونفذت أخيرا ما هددت به، وربما كان المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي صادقا هذه المرة، عندما قال “من قصف قنصليتنا في دمشق سيعاقب”، وحسنا فعلت إيران.
نتائج الضربة الإيرانية لن تهمنا كثيرا، خاصة وأن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ساهمت بقدر كبير في الدفاع عن إسرائيل، والمهم أن الهجوم كان ضخما وكبيرا ولولا الدعم الخارجي لإسرائيل لكانت نتائجه كارثية للدولة العبرية وحكومتها المتطرفة. وقالت صحيفة “وول ستريت” الأمريكية في هذا الصدد “لولا استنفار الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لكان الهجوم الإيراني على إسرائيل قد تسبب في “حفلة تدمير” واسعة لإسرائيل لم تشهدها منذ نشأتها.
إسرائيل أدركت أنها أمام مواجهة جديدة، تواجه خصما يملك أدوات الردع والرد، كما أدركت إسرائيل وبغض النظر عمن يدافع عنها، أنها ستواجه تداعيات جديدة لم تكن تألفها من قبل عندما تفكر في أي شن أي هجوم على إيران التي استطاعت أن تثبت لإسرائيل أنها تملك معلومات استخبارية خطيرة تستطيع من خلالها خلخلة منظومة الأمن الإسرائيلية.
إيران سبق وأطلقت في هجومها على إسرائيل 185 طائرة بدون طيار و36 صاروخ كروز و110 صواريخ أرض أرض، وفق ما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية..الأمر الذي استدعى تساؤلات كثيرة لعل أهمها:
“أمريكا أم إسرائيل..من أسقطت معظم مسيرات وصواريخ إيران”.
وحسب معلومات موقع “ذا إنترسبت”، نقلا عن مصادر عسكرية أمريكية، فالولايات المتحدة أسقطت عددا كبيرا من الطائرات بدون طيار والصواريخ أكثر مما أسقطته إسرائيل خلال الهجوم الإيراني، وتم تدمير أكثر من نصف الأسلحة الإيرانية بواسطة الطائرات والصواريخ الأمريكية قبل أن تصل إلى إسرائيل.
الموقع اعتبر أن ما تم انتصارا للعسكرية الأمريكية وليس إسرائيل . الجيش الأمريكي أعلن بنفسه أنه أسقط عشرات الصواريخ الإيرانية الموجهة إلى إسرائيل. رئيس الوزراء الإسرائيلي المجروح بنيامين نيتانياهو خرج قبل ساعات ليعلن لجمهوره أن إسرائيل ستتخذ قرار الرد على الهجمات الإيرانية بنفسها، في إشارة إلى ما يتردد بأن الرد سيكون محكوما بمشاركة أمريكية على الأقل في صورة مشاورات تسبق أي رد فعل إسرائيلي.
كلام نيتانياهو كان ناقصا، فكان حري به الاعتراف بالدور الأمريكي في ردع الصواريخ الإيرانية بدعم عسكري بريطاني وفرنسي، وهو ما اضطر للاعتراف بهذا الدعم في وقت لاحق عندما كشفت الصحف الغربية وأصبح واقعا ماثلا أمام الإسرائيليين ” أشكر أصدقائنا على دعمهم للدفاع عن إسرائيل، وأقول ذلك، دعما بالقول ودعما بالأفعال.. لديهم أيضا كل أنواع الاقتراحات والنصائح”. ولكنه عاد للمكابرة بعدها مباشرة وقال “أقدر ذلك، لكنني أريد أن أوضح ذلك – سنتخذ قراراتنا بأنفسنا، ودولة إسرائيل ستفعل كل ما هو ضروري للدفاع عن نفسها”.

المثير للدهشة أن عواصم العالم أعربت عن خشيتها من اتساع نطاق الحرب في الشرق الأوسط وحذرت إسرائيل من الانزلاق إلى وضع لا يمكن التنبؤ بنتائجه على الإطلاق، في حين لو أن العواصم الكبرى تركت إسرائيل بمفردها أمام الهجمات الصاروخية الإيرانية لعرفت إسرائيل حدود قوتها وتخلت عن غطرستها المعهودة.

التساؤل التالي: هل الهجوم الإيراني المباشر على إسرائيل سيجعلها تتخلى عن استخدام وكلائها بالمنطقة لتنفيذ مخططاتها ضد الأهداف الإسرائيلية؟
نتمنى بالطبع أن تتخلى إيران عن هذه العادة التي تسبب مشكلات خطيرة للدول المجاورة، في وقت لا ترتدع فيه إسرائيل بهجمات الوكلاء لأنها تكون محدودة الأثر والنتيجة بعكس الهجمات العسكرية الضخمة بين دول وأخرى.
هذا التساؤل يستتبعه تساؤل آخر: هل تتخلى إسرائيل عن حروب الظل هي الأخرى ضد إيران؟
أغلب الظن أن إسرائيل ستفكر ألف مرة قبل شن هجمات مباشرة على إيران، وإن كانت ستتجه إلى ضرب أهداف إيرانية في سوريا كعادتها في الفترة الأخيرة.
في النهاية، ستكون حروب الظل هى نمط المواجهة بين الطرفين خلال الفترة المقبلة، وسط مناشدات غربية أمريكية لإسرائيل بضرورة تخفيض حدة التوتر في المنطقة، ويكفي ما تمر به من أزمات من حرب طاحنة على قطاع غزة تركته أرض جدباء، وتدخلات حوثية في البحر الأحمر أصبحت خرابا ودمارا لاقتصاديات الدول المجاورة.

زر الذهاب إلى الأعلى
اكتب رسالتك هنا
1
تواصل معنا
اهلا بك في بوابة " مصر الآن"