مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب: (خيبة الأمل .. راكبة جمل)!!

كثيرا ما استوقفني هذا المثلُ الشعبي منذ الصغر، ودفعني لأسأل نفسي مرارًا وتكرارًا: لماذا تركب خيبة الأمل جملًا؟!! هل لندرةٍ في الأحصنة والحمير، أم لآلام في القدمين مزمنة، أم أنها تحب التفاخر والتباهي كعادة البعض، مع العلم أنها خيبة وليست نجاح؟!!

تعود علاقة الجمل بالإنسان إلى ما يقرب من خمسة آلاف سنة، فهو من أقدم الحيوانات التي استأنسها الإنسان، واستطاع أن يسخرها لخدمته، سواء في حمل الأثقال ونقلها من مكان إلى مكان، أوكوسيلة مواصلات، فالجمل يستطيع أن يحمل من 250 إلى 300 كيلوجرام، وأن ينهض بها من مكانه دونما مشقة.

إذن نفهم من ذلك أن خيبة الأمل ثقيلة للغاية لا يستطيع حملَها سوى جمل؟! أي نعم. فإذا ما تأملنا دقة الأمثال الشعبية المصرية وبراعتَها الممزوجة بالعبقرية في وصف الحال وطرح العبرة لمن يعتبر، سنجد أن المصري قد جاوز المدى، فما من أمر أقسى وأشد ثقلا على النفس من خيبة الأمل وكسرة الخاطر وما يتبعها من جرح غائر بالروح لا تداويه الأيام.

ويرى علماءُ النفس هنا أن الحياة ستظل دومًا مسرحًا لخيبات الأمل على أصعدة مختلفة، بعضها يبدأ من سن مبكرة في المدرسة وحتى بين العائلة، فضلا عن خذلان الأصدقاء، وجرح الأحبة، حتى نصل للفشل في تحقيق ما نرجو من أحلام وطموحات، هذه الخيبات مجتمعة تتركنا منهكين وأكثر هشاشة إذا ما فقدنا سلاح التجاوز.

إذن الحل لعلاج الخيبات ألا تُرْكِبها الجملَ وتتركها تتهادى بين جنبات النفس، بل اِسحقها بمعول الثقةِ بالله والنفس لتتحول _ أنت _ من ضحية إلى ناجٍ ذي خبرة، يتعلم من الخيبات، لا ينهار أمامها، وهنا لا تغلق بابك أمام الدعم النفسي، سواء جاءك على هيئة شخص أو رسالة أو إشارة، لأنه إذا كانت الخيبة قد ركبت الجمل، فقائد الجمل والممسك بلجامه هي العزلة.

لذا حجمُ النجاح في تجاوز الخيبة يرتبط بقوة الإرادة والرغبة في الخروج من تلك الحالة، وتذكر أنك تستطيع البقاء على قيد الحياة حين تسمح للأشياء أن تأخذ وقتها ولا تستهلك نفسك في الندم عليها، واجعلها جزءًا من عملية النمو التي تطور شخصيتك وتدعمها، لتركب جمالًا تركض بها في صحراء الحياة نحو الأفضل والأجمل من الأقدار.

زر الذهاب إلى الأعلى