راندا الهادي تكتب: تجارة الموتى
إفريقيا التي لا تهدأ ما بين صراعاتٍ وانقلاباتٍ وحروب، تعلن الحربَ على تجارة ملابس الموتى!! هذه التجارة لمن لا يعرفها هي (بزنس) الملابس المستعملة القادمة من أمريكا وأوروبا، ليتم التخلص منها في مكب نُفايات القارة السمراء!
عفوًا لقسوة الوصف ولكنها الحقيقة كما يراها الغرب، وكما بدأت بعضُ الدول الإفريقية تدرك خطورتها! بدأت الثورة على تجارة ملابس الموتى عندما أعلن الرئيس الأوغندي (يوري موسيفيني) حظرَ استيراد الملابس المستعملة إلى الدولة الواقعة شرقَ إفريقيا، واصفًا إياها بـ (ملابس الموتى الأوربيين)؟التي قال إن تدفقها يخنق تنمية صناعات النسيج المحلية.
ولتعلموا، فالحديث هنا عن مصر أيضا؛ فهي من الدول الإفريقية التي تفتح موانئها أمام تلك التجارة، ووفقا لمنظمة (أوكسفام) الخيرية البريطانية؛ فإن ما لا يقل عن 70% من الملابس التي يتم التبرع بها للجمعيات الخيرية في أوروبا والولايات المتحدة ينتهي بها الأمر في إفريقيا. كما تستقبل الأسواق المنخفضة والمتوسطة الدخل في إفريقيا وآسيا نحو أربعة ملايين طن سنويًّا من الملابس المستعملة التي تقدر قيمتها بنحو خمسة مليارات دولار والتي (يتم التخلص منها في الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية)! ركزوا معي هنا في العبارة ما بين القوسين خاصة كلمة (التخلص)، فتلك الأطنان من الملابس بعد التخلص منها تضمن للغرب خفضًا قدره (340) مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، ما يساعد على تقليل التلوث وترشيد استخدام المياه، ولتذهب إفريقيا إلى الجحيم!!
وبقدرٍ لا بأسَ به من المرارةِ والغيرة على بلدي، أنظر لتلك الشوارع المكتظة بشماعات الملابس المستعملة ومحلات الـ (أَوت – ليت Out lit ) أو البالة أو بواقي التصدير، لا أعلم لماذا؟! هل لإفسادها مساعي النهوض بالصناعة المحلية للمنسوجات والملابس الجاهزة، أم لتلويثها المظهرَ العام لمنطقةٍ تاريخية كشارع ٢٦ يوليو ووسط البلد وغيرها من المناطق، أم لكونها كارثة بيئية باعتبارها نُفايات ملوثة صعبة التحلل، أم لإعاقتها للمرور؟!!
اختر مما سبق ما يرضيك كمواطن غيور، يشجع كل ما صُنع بأيدٍ مصرية، يحب أن يرى بلده نظيفة، شوارعها راقية، ترتدي ما لم يسبقه لها أحد، ولا تكون يوما ما مكبًّا لقذارة البعض!!