مقالات الرأى

د.محمد نصار يكتب : رمضان .. شهر التقوى والغفران (2)

تعدد العبادات فى شهر رمضان وذلك أن رمضان يحوي من العبادات ما لا يحويه غيره من الشهور، ففيه كما في غيره صلاة وزكاة وذكر وعاء، وزيارة بيت الله الحرام، إلا أنه يفضل على غيره بركن الصيام، وعبادات التراويح، وليلة القدر، رواه أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ: ” قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ… فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ ” (قال محققو المسند: صحيح). فما هي العوامل المعينة على التغيير :_ كما أن هناك عوامل تعين المسلم على الثورة والتغيير، ومن أهم هذه العوامل:
الشعور بنعمة حضور الشهر: إن الشعور بنعمة حضور الشهر عامل من أقوى العوامل التي تدفع الإنسان للثورة على العادات القبيحة، وتغيير العادات السيئة، وانظر معي إلى ما رواه أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَجُلَانِ مِنْ بَلِيٍّ حَيٌّ مِنْ قُضَاعَةَ أَسْلَمَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا، وَأُخِّرَ الْآخَرُ سَنَةً، قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: فَأُرِيتُ الْجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا، أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ، فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَأَصْبَحْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةٍ، أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلَاةَ السَّنَةِ؟» (قال محققو المسند: إسناده حسن)، فانظر إلى عظيم الثواب الذي فاق ثواب الشهيد، ولهذا دعا جبريل وأمّن النبي صلى الله عليه وسلم على من أدرك رمضان ولم يدرك رحمة الله، روى ابن حبان مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا رَقِيَ عَتَبَةً، قَالَ: «آمِينَ» ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً أُخْرَى، فقَالَ: «آمِينَ» ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً ثَالِثَةً، فقَالَ: «آمِينَ» ثُمَّ، قَالَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ، فقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْتُ: آمِينَ، قَالَ: وَمَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا، فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْتُ: آمِينَ، فقَالَ: وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ» (قال الألباني: صحيح لغيره.
حسن الظن بتحصيل الآجر: وينبغي على المسلم أن يكون عنده حسن ظن بالله تعالى، فإن الله يعطي العبد على ما يظنه، بل يزيده من فضله ما أحسن الظن بالله، قال تعالى: {فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 87]، وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي”.
وجود الإرادة الدافعة: وهذه الإرادة هي التي تجعل المسلم يثور على كل باطل وزور، ويترك كل إثم ومنكر، روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي”، إنها الإرادة القوية التي تجعله يفارق المعتاد ويدع المألوف ويترك المرغوب، بل والمشروع ما دام الله أمره بذلك (كما في تركه الطعم والشراب والشهوة).

 وللحديث بقية إن شاء الله

زر الذهاب إلى الأعلى
اكتب رسالتك هنا
1
تواصل معنا
اهلا بك في بوابة " مصر الآن"