مقالات الرأى

د.صابر حارص يكتب: يوميات صائم (8)

لماذا ندعو ولم يتغير قدر الله فينا

هل يحتاج الذين أتم الله عليهم جميع نعمه إلى الدعاء؟ أم أن الدعاء قاصر على المحتاجين والمضطرين؟ وهل تدعو بما أنت غير مؤهل له؟ وهل الدعاء يغير القدر فعلا؟ وهل يغضب الله على من لا يسأله حتى وإن كان غير محتاج؟

لا يقصد الدعاء لتحقيق الأمنيات وقضاء الحاجات وتفريج الكربات فحسب، بل إنه أعظم أنواع العبادة وأفضلها، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق من أن الدعاء هو العبادة أو هو نصفها، أو هو مخ العبادة، أي أنه أعظمها

والذين أنعم الله عليهم فجعلهم لا يحتاجون في الدنيا شيئا هم أولى الناس بالدعاء لاستمرار النعم والشكر عليها، ومن جعلته النعمة ليس في حاجة إلى اللجوء إلى الله وصفهم القرآن الكريم بالمستكبرين على الله ووعدهم بدخول جهنم صاغرين، فقال سبحانه وتعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ … اي صاغرين

وليس بالضرورة أن تكون صاحب مال لتدعو الله بالحج والعمرة وإفطار الصائمين، فهناك
عبادة النية التي تعدل العبادة الفعلية، فإذا تمنيت أن تبني مسجدا أو تفطر صائما ولم تجد المال فقد كتب الله لكم الأجر كاملا كأنك فعلت

ويرى العلماء أن الدعاء أمره غريب وسره عجيب، وليس هناك سلاحاً في الدنيا كلها أقوى وأشد من سلاح الدعاء، ولكن مع الأسف الشديد أننا لم نحسن استغلاله أو الاستفادة منه

وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام (لا يرد القضاء إلا الدعاء) يعني القضاء الذي قدره الله وقضاه لا يرده أي شيء كائناً من كان إلا الدعاء، فالنبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا أن الدعاء يلقى القضاء ما بين الأرض والسماء، فيعتلجان، وتدور معركة ما بين الدعاء والقضاء، فإذا كان دعاء العبد أقوى، غلب القضاء فرُفع ولا ينزل ولا يصيبه منه شيء، وإذا كان الدعاء أضعف فإن القضاء يتغلب عليه ولكن ينزل مخففاً، ولكن إذا كان الاثنان في قوة واحدة ظلت المعركة قائمة حتى يدعو العبد دعوة أخرى فيرفع الله بها هذا البلاء

والدعاء أقرب النجاة من الشدائد والابتلاء، وتفريج الهموم والأحزان، ونجدة المستضعفين، ونصرة المظلومين، وإغاثة الملهوفين، ومع ذلك ربما نجد بيننا من هو مهمل في الدعاء حتى في رمضان

والدعاء من أعظم أسباب دفع البلاء قبل نزوله، ورفعه بعد نزوله، فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الدعاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نزلَ ومِمَّا لمْ يَنْزِلْ، فَعليكُمْ عِبادَ اللهِ بالدعاء

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يسألِ اللهَ يغضب عليه» وقال أيضا «أعجز الناس من عجز عن الدعاء» وقال أيضا «واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينه وبين الله حجاب».

فلا تغافل ولا تكاسل عن الدعاء بل هي عبادةيومية دائمة طوال اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى
اكتب رسالتك هنا
1
تواصل معنا
اهلا بك في بوابة " مصر الآن"