حازم البهواشي يكتب: صاحب فضل في رمضان _ (3) محمد غنيم

من أبرز ضيوفي في برنامجي الإذاعي (صاحب فضل) _ الذي قدمتُه في السنة العاشرة لراديو مصر 2019م _ رائدُ زراعة الكُلى في مصر والعالَم العربي بل والعالَم أجمع (د/ محمد غنيم) وهو صاحب الاسم الذي ارتبط في أذهاننا بجودة العمل وإتقانه، حتى أن المصريين أطلقوا على مركز الكُلى التابع لجامعة المنصورة اسم (مركز غنيم).

هو الأبُ الذي تَقْبَلُه في جميع أحواله، حنانِه وعصبيتِه وحَزْمِه وسُخريتِه؛ ففي قرارة نفسك أنت متأكد أنه لن تصيبك منه إلا المنفعة.

عن الشخص صاحب الفضل قال (د/ محمد غنيم): (عدة شخصيات في مراحل مختلفة من الحياة، والدي في الصغر، وكان أستاذًا بكلية الزراعة جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا)، وقد تعلمتُ منه الالتزام بالعمل وإيثار البحث العلمي. أما في مرحلة الدراسة والتدريب في كلية الطب فالمرحوم الدكتور “إسماعيل السباعي” هو صاحب الفضل، وقد كان جراحا فذًّا، علَّمَ أجيالًا كثيرة واقتحم بشكلٍ رائع جراحاتِ الأورام المعقدة وكان يُجريها بكفاءة).

وللقارئ أقول: إن الدكتور “إسماعيل السباعي” هو أحدُ ثلاثة نوابغ فى العالم تخصصوا في جراحات السرطان، وأحدُ عشَرة ذُكِروا فى إنسكلوبيديا السرطان فى العالم، وقد أحدثَ ثورةً فى جراحة الأورام منذ تخرجه في كلية طب قصر العيني عام 1941م، وتتلمذ على يديه الكثيرون من أنبغ الجراحين بمصر. ود/ “إسماعيل السباعي” هو ابن عم الكاتب والروائي “يوسف السباعي” (1917م _ 1978م)، وكذلك شقيق زوجته.

ثم كان سؤالي حول الكتاب صاحب الفضل، فقال (غنيم): (هناك كتابان: الأول “الفتنة الكبرى” لـ “طه حسين”، وقد عَرَفنا مِن خلالِه التأثيراتِ السلبيةَ للإسلام السياسي، نتيجةَ إضفاءِ غطاءٍ ديني على خلافٍ سياسي.
والكتاب الثاني “ملامح من تاريخ العالم” لـ”نهرو” (1889م _ 1964م _ جواهر لال نهرو أحد زعماء حركة الاستقلال في الهند، وأول رئيس وزراء لها بعد الاستقلال، شغل المنصب من 15 أغسطس 1947م حتى وفاته، وهو أحد مؤسسي حركة عدم الانحياز العالمية عام 1961م)… هذا الكتاب _ والكلام لدكتور/ غنيم _ أرجو تعميمَه في الدراسة في المرحلة الثانوية، وهو عبارة عن خطابات كان يُرسلها “نهرو” لابنته وهو في السِّجن، يُلخص لها تاريخَ العالم، وينتهي في آخر فصل لشيء غاية في الأهمية: بعد دراسة تاريخ العالم، ماذا نفعل لمستقبل الهند بعد الاستقلال؟ فقال: الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة هذه واحدة، والثانية لكي تنهضَ الهند حقيقةً، الهند دولة فقيرة لكنها لا تقوَى على إهمال البحث العلمي رغم فقرها).

أما الشخص الذي لم يُقابله (د. محمد غنيم) ويرى أنه صاحب فضل، فقد فاجَأَتْني الإجابة: (إنه دافعُ الضرائب الهولندي!! فالمركز الذي أنت فيه (مركز الكُلى بجامعة المنصورة)، الجزءُ الأعظم منه، التجهيز من غُرف العمليات وحتى المطابخ، الميكانيكا والكهرباء والتصميم والإشراف على التنفيذ، مِنحةٌ هولنديةٌ سخية، وأنا أشكر دافعَ الضرائب الهولندي لأنه ساهم في هذا بلا مقابل سيعود عليه، ولن يكون هناك ضغط سياسي في مقابل هذا).

تحية تقدير للدكتور (محمد غنيم) الذي أثبت أن عملَ صاحب الضمير المُخلص يَبقى ويعيش.