حازم البهواشي يكتب: القدس بين اليهودية والإسلام
الأحداث التي بدأت في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة في السابع من أكتوبر 2023م أعادت الصدارةَ للقضية الفلسطينية، وكان من بين حسناتها أن أجيالًا لم تكن تعرف شيئًا عن القضية بدأت في السؤال والمعرفة، وبالتالي تتجدد المطالبة بالحق جيلًا بعد جيل، فما ضاع حق وراءه مقاوم، كما لا يضيع حق وراءه مطالب.
من بين الأسئلة التي لا بد لأجيالنا أن تعرف إجابتها: هل القدس يهودية كما يزعمون؟! لقد كذبوا واستمروا في الكذب، ولا بد للكذاب مع هذه الاستمرارية أن يجد من يُصدقه!! أما السؤال فليس أجدر من المفكر الراحل الأستاذ الدكتور/ “محمد عمارة” ( 8 ديسمبر 1931م _ 28 فبراير 2020م ) في الإجابة عليه، وذلك في دراسةٍ له استعرتُ عنوانَها لهذا المقال، لأُجْمِلَ بعضَ ما فصَّلَه، حتى يعرفه أولادُنا، وليطَّلعْ على الدراسة من أراد الاستزادة.
أولًا: سيدنا موسى _ عليه السلام _ لم يرَ القدسَ، ولم تنزل فيها التوراة!!
ثانيًا: سيدنا داود وسيدنا سليمان _ عليهما السلام _ عاشا فيها برهة من تاريخها الطويل، ولم يتعدَّ الوجودُ اليهودي بالقدس في عهديهما ( 415 ) عامًا أي نصف عمر الوجود العربي الإسلامي في الأندلس، فهل يحق لنا المطالبة بإسبانيا والبرتغال؟!
ثالثًا: الذين بنَوا القدس هم العرب اليبوسيون في الألف الرابع قبل الميلاد، فعُمر عروبتها يَزيد الآن على ستة آلاف عام، وهم يزعمون أن علاقتهم بالقدس تعود إلى ثلاثة آلاف عام، عندما غزا الملك داود هذه المدينة في القرن العاشر قبل الميلاد، فمَن الأقدم يا أصحاب العقول؟!!
رابعًا: القدس عربية قبل دخول سيدنا إبراهيم عليه السلام أرضَ كنعان بأكثرَ من عشرين قرنًا، وفي كتابهم العهد القديم: (إن هذه الأرض كانت أرضَ غُربة إبراهيم) !! أي أنه قد عاش فيها غريبًا، وليس مالكًا لها!! وكذلك في كتابهم: (إن إبراهيم _ في أواخر حياته _ قد اشترى من أهل هذه الأرض _ العرب الكنعانيين _ قبرًا يَدفن فيه زوجَه “سارة”)…( سفر التكوين ٢٣ : ١ – ٢٠ )… أي أنه حتى أواخر حياته لم يكن يملك في هذه الأرض حتى مكان قبر!!
خامسًا: إذا افترضنا جدلًا كما يزعم الصهاينة بأن الربَّ قد وعد إبراهيمَ وذريتَه بأرض الميعاد، وأن الصهاينة هم ورثةُ هذا الوعد الإلهي، فإن العربَ هم أغلبيةُ ذرية إبراهيم عليه السلام ( عدد سكان العالم العربي 456 مليون نسمة، وعدد اليهود في العالم وفق إحصائية نشرتها الوكالة اليهودية عام 2022م يبلغ نحو 15.3 مليون نسمة غالبيتهم ليسوا إسرائيليين )… فهل يقبل الصهاينة توزيعَ التركة بالعدل بين كل ذرية إبراهيم؟!!
سادسًا: يتحدث الصهاينة في سعيهم لتهويد القدس عن إعادة بناء هيكل سليمان ( المعبد الذي بناه سليمان للرب ) على أنقاض الحرم القدسي!! ويتناسَون أنهم منذ احتلالهم القدس سنة 1967م قد قلبوا باطن الأرض بالحفريات والأنفاق تحت الحرم القدسي ومِن حوله، فلم يجدوا حجرًا واحدًا يُثبت أنه قد كان في هذا المكان معبدٌ يهوديٌّ في يومٍ من الأيام!!
رحم الله المفكر الكبير الدكتور/ “محمد عمارة”، وهيا بنا نُعلم أولادنا كيف يعرفون حقوقهم؟ وكيف يدافعون عنها؟